المصلحة في أن يقصد بالعمل كونه تعظيم نفسه عمرا فكذا قد يراها في أن يقصد كونه تعظيم زيد عمرا ، والمفروض أنّ زمام القصد بيده ، فكما أنّه يقتدر على إيجاده في نفسه لمصلحة فيه فكذا في الصورة الثانية.
فإن قلت : نعم ولكنّ العمل لا يحسب تعظيما مضافا إلى زيد ما لم يكن صادرا من شخصه.
قلت : قد عرفت أنّ ذات العمل لا يكون تعظيما لا لنفس العامل ولا لزيد ، بل نسبتهما إليه على السواء ، وحينئذ فإذا كان ضمّ قصد تعظيم النفس إلى العمل مؤثّرا وجاعلا له تعظيما للنفس فلا بدّ أن يكون قصد كون التعظيم لزيد أيضا جاعلا له تعظيما لزيد ، ولا وجه للتفكيك بين هذين القصدين في التأثير.
نعم فرق بين الصورتين من حيث إنّه في الصورة الاولى ليس في البين سوى المعظّم والمعظّم له ، فلا يحتاج تحقّق التعظيم إلى أمر آخر سوى القصد ، وأمّا في الصورة الثانية ففي البين ثالث وهو من وقع التعظيم بنيابته ، فيعتبر رضاه بالنيابة وتقبّله لها ، فلو كان كارها لها لا يحصل التعظيم له ، وكذا يعتبر تقبّل المعظّم له من الثالث هذا التعظيم الذي أتى به نائبه ، فإذا اجتمع هذه الامور الثلاثة أعني : قصد العامل كون التعظيم للغير ، ورضى ذلك الغير ، وتقبّل المعظّم له فلازمه عقلا ترتّب كلّ أثر كان للتعظيم الحاصل من شخص ذلك الغير ، هذا وكذلك نقول في العبادات.
مثلا الهيئة الصلاتيّة من حيث إنّها مركّبة من تكبيرة وقيام وركوع وسجود قد تكون مقرّبة ، كما إذا قصد بها التقرّب ، وقد تكون مبعّدة كما إذا أتى بها رئاء ، وقد تكون لغوا كما إذ أتى بها لا عن شعور ، فحينئذ لا بدّ من ضمّ قصد التقرّب إليها حتّى يصير المجموع مقرّبا ، فهذا القصد ممّا يوجده النفس بالإرادة والاختيار لأجل كونه ذا مصلحة ، وكما أنّ قصد كونها مقرّبة للفاعل يكون فيه فائدة ، فكذا في قصد كونها مقرّبة لأبيه الميّت أيضا فائدة ، فكما يمكن الأوّل ويترتّب عليه الأثر فكذا الثاني أيضا ممكن بلا إشكال ، ويضاف العمل إلى الميّت ويوجب له القرب ، لكن بعد رضاه وتقبّل الشارع ، أمّا رضاه فهو حاصل بالقطع ، وأمّا الثاني فقد دلّ عليه الأخبار