المتعلّق أو بحكمه ليس إلّا كاشفا صرفا وطريقا محضا بالنسبة إلى هذا الحكم ، لكنّه بالنسبة إلى الحكم الآخر أعني النهي مأخوذ على وجه الموضوعيّة ، مثلا تعلّق الحرمة الواقعيّة بنفس شرب الخمر الواقعي ، فالعلم بأنّ هذا خمر وكذا العلم بأنّ الخمر حرام لا مدخليّة لهما في موضوع هذه الحرمة ، ولكنّه دخيل في موضوع حكم الرخصة المستفادة من قوله : لا تعمل بالعلم الذي حصّلته من الجفر ، فليس نفس الشرب بواقعيّته متعلّقا للرخصة كما أنّه كذلك متعلّق للحرمة ، بل باعتبار كونه مقطوع الخمريّة أو الحرمة بالقطع الحاصل من الجفر.
فعلم أنّ حيث الكاشفيّة التامّة وعدم السترة والكاشفيّة الناقصة ووجود السترة لا يجديان فرقا أصلا لا إشكالا ولا جوابا.
نعم بين القطع والظنّ فرق من جهة اخرى وهي مرحلة الامتثال ، وبيانه : أنّ العبد إذا علم بأنّ الشيء الفلاني محبوب للمولى بحيث لا يرضى بتركه يتحقق بسبب هذا العلم موضوع الإطاعة وموضوع العصيان في حقّ هذا العالم ، ولا إشكال في أنّ إطاعة المولى المنعم حسن ذاتا بحيث لا يمكن أن ينفكّ منه الحسن إلّا بانقلاب موضوعها ، وكذلك عصيان هذا المولى قبيح ذاتا بحيث لا يمكن انفكاك القبح منه ؛ فإنّ بعض العناوين علّة تامّة للقبح ، فما دام باقيا فالقبح لازمه ذاتا ، بل الأسماء الأخر لا بدّ من انتهائها إلى هذا ليصير قبيحا ، وذلك مثل الظلم ، كما أنّ بعض العناوين علّة تامّة للحسن ما دام باقيا ، وسائر الأشياء إن انتهت إليه صارت حسنا ، وذلك مثل الإحسان ، وبعض العناوين يكون الحسن والقبح فيها بالوجوه والاعتبار ، يعنى نحتاج في اتّصافها بالحسن من انتهائها إلى العنوان الأوّلي مثل الإحسان ، وبالقبح إلى عنوان أوّلي آخر مثل الظلم وذلك كضرب اليتيم ؛ فإنّه إن اندرج تحت الظلم كان قبيحا وإن دخل في الإحسان كان حسنا.
فنقول : مخالفة المولى المنعم وعصيانه ظلم عليه ، بل من أبده أفراد الظلم وأعظمها ، فيكون قبحه أبده من قبح سائر الأفراد وأعظم ، فلو رخّص المولى هذا العبد العالم بترك ما هو عالم بمحبوبيّته له بواسطة منعه عن العمل بعلمه يلزم الإذن في