الحجيّة بلزوم التسلسل ؛ فنحن ندفع هذا التسلسل أيضا بأنّ قوله : اعمل بقطعك حكم مجعول في موضوع طبيعة القطع فيشمل القطع الحاصل بهذا الأمر أيضا ؛ لأنّه من أفراد طبيعة القطع ، ثمّ القطع بوجود الأمر بالمتابعة في هذا القطع أيضا مشمول للأمر المذكور وهكذا إلى غير النهاية.
لأنّا نقول : نعم لكن لا ينتهي الأمر إلى غير المحتاج في حال ؛ إذ كلّ قطع حصل فالمفروض كونه محتاجا إلى دليل الحجيّة إيّاه ، مثلا القطع بوجوب الصلاة محتاج إلى شمول دليل وجوب العمل بالقطع إيّاه ، ثمّ القطع بأنّ كلّ قطع واجب العمل أيضا محتاج إلى شمول دليل وجوب العمل بالقطع إيّاه ، فيحصل القطع بأنّ هذا القطع حجّة بواسطة شمول الدليل إيّاه ، فهذا القطع أيضا محتاج ، فيقطع بكونه حجّة لعموم الدليل ، فننقل الكلام في هذا القطع ، وبالجملة لا تستقرّ سلسلة المحتاجات إلى غير المحتاج في حال.
وأمّا في ما نحن فيه فلا يلزم محذور عقلي ؛ فإنّ مئونة الأمر إنشاء واحد وهذا الإنشاء يسري حكمه في الأفراد الطوليّة الغير المتناهية ، ومئونة المأمور ليست إلّا عملا واحدا ، وعلى تقدير العصيان يلزم استحقاق عقابات غير متناهية ، وبعبارة اخرى الخلود ، وهذا أيضا ممكن عقلا.
وقد يوجّه عدم الجواز بلزوم اللغوية ؛ فإن الغرض الباعث على الأمر المولوي ليس إلّا دعوة المأمور نحو المأمور به لو لم يكن فيه داع آخر ، والمفروض أنّه قد صدر من الآمر أمر بذات العمل صالح لداعويّة العبد المطيع للمولى ، فالعبد إن كان منقادا فهذا الأمر يصلح لتحريكه وبعثه نحو العمل من دون حاجة إلى أمر آخر ، وإن كان متمرّدا فلا يفرق في حاله بين أمر واحد وأمرين ، فكما لا يتحرّك بالأمر الواحد فكذلك بالأمرين وأزيد ، فعلى أيّ حال الأمر الثاني لغو ولا طائل تحته.
وفيه أيضا منع ؛ فإنّ العبيد مختلفون ، فمنهم من يكفيه أمر واحد للعمل ولا كلام فيهم ، ومنهم من لا يتأثّر بالأمر أصلا لا بالواحد ولا بالمتعدّد ولا كلام فيهم أيضا ، ومنهم من يتجرّى على معصية أمر واحد ولكن لا يتجرّى على معصية أمرين ولا