لمتصوّر ولاحظ أن يجمع بين هذين في عالم تصوّره ولحاظه وقوّة خياله أبدا ، بل إمّا هذا متصوّر دون ذاك وإمّا ذاك دون هذا ، وفي ظرف تصوّر هذا لا يمكن أن يقع في الخيال تصوّر ذاك ، وفي حال تصوّر ذاك لا يمكن أن يقع فيه تصوّر هذا فلا محالة لا يتقيّد إرادته ، فإنّ المناط جمعهما في الخيال ودرجهما في التصوّر مجتمعين حتّى يقع الكسر والانكسار بينهما بحسب الإرادة ؛ فإنّك قد عرفت أنّه بدون توسيط التصوّر لا يمكن تعلّق الإرادة بشيء ، فلا محالة يكون مناط الكسر والانكسار في الحبّ والبغض والإرادة والكراهة اجتماع ما يقتضي الحبّ مع ما يقتضي الخلاف في عالم التصوّر بمعنى تصوّرهما منضمّين ؛ فإنّه بعد هذا التصوّر تكون الإرادة الجائية عقيب هذا التصوّر متعلّقا بغير صورة الاجتماع.
وأمّا على ما فرضنا من أنّ هذا لا يتصوّر إلّا بدون ما يقتضي خلاف الحبّ ، وما يقتضي خلافه لا يتصوّر إلّا بدون هذا ، فهذا التصوّر لمقتضى الحبّ لا محالة مورث لتعلّق الحبّ ؛ فإنّ تصوّر الشيء الملائم بدون تصوّر منافر طبع معه لا محالة موجب الحبّ به.
فإن قلت : يمكن أن يتصوّر أحدهما ثمّ بعده يتصوّر الآخر ، ثمّ بعد هذا تصوّر اجتماع الشيئين الذين تصوّرهما ، فبهذا النحو يمكن جمعهما في عالم الخيال وإن كان لا يمكن في النظرة الاولى.
قلت : إنّا نفرض أن يكون اجتماعهما حتّى في النظرة الثانية أيضا غير ممكن وأنّه بهذا النحو أيضا لا يقع صورة اجتماعهما في الذهن ، وبالجملة ، فلا إشكال على تقدير تحقّق هذا الفرض في عدم تقيّد الإرادة ، وإنّما الكلام والإشكال في تحقّق هذا الفرض وإثبات الصغرى له في الخارج.
المقدّمة الرابعة : في إثبات صغرى هذا الفرض وهو محلّ الكلام والنقض والإبرام ، فنقول وعلى الله التوكّل : إنّ العناوين الأوّليّة التي هي موضوعات الأحكام الواقعيّة ، والعناوين الثانوية التي هي موضوعات الأحكام الظاهريّة ، أعني الموضوعات بما هي مشكوكة الحكم ، لا يمكن أن يقعا ويندرجا في القوّة