مجتمعين ، وكان هذا الجزئي ممّا أمكن وقوعه تحت هذا العنوان في عالم التصوّر. وأمّا لو لا ذلك كما في عنوان مشكوك الحكم وعنوان الخمر فلا محيص عن عدم تقييد حبّ أحدهما ببغض الآخر ولا العكس وعدم السراية ، ولازمه اجتماعهما في الخارج.
ثمّ هذا كلّه بالنّسبة إلى عرض الحبّ والبغض الذين هما يعرضان المتصوّر الذهني دون الشيء الخارجي.
ومن هنا يندفع الإشكال بأنّه كيف اجتمع الضدّان في موضوع واحد ؛ فإنّ الخارج ليس بموضوع الحكم والإرادة والكراهة ، وإنّما هو المتصوّر ، وعرفت عدم اجتماع الضدّين ولا النقيضين ولا المثلين فيه.
نعم ، يقع الكلام في ما موضوعه الخارج وليس مرتبطا بعالم التعقّل وهو المفسدة والمصلحة ، وكذلك التكليف بما لا يطاق فيما إذا كان حكم مشكوك الحكم مثلا الوجوب ، وحكم نفس العنوان الحرمة ، فإنّه يقال : كيف اجتمع المفسدة والمصلحة في الوجود الواحد بدون الكسر والانكسار ، وكيف يوجّه التكليف بالفعل وبالترك معا بالنسبة إلى شيء واحد ، وكذلك تفويت المصلحة ، كما لو أدّى الأمارة إلى حرمة الجمعة الواجبة واقعا ، والإبقاء في المفسدة فيما إذا أدّى إلى حليّة الخمر المحرّم واقعا.
فنقول : أمّا التكليف بما لا يطاق فهو يلزم على تقدير كون كلا التكليفين منجّزا وليس كذلك ؛ فإنّ شرائط التنجيز لا يوجد فيهما معا في شيء من الأوقات ، فكلّما كان الحكم الواقعي معلوما فهو منجّز دون الظاهري ؛ لعدم تحقّق موضوعه وهو الشكّ في الحكم الواقعي ، وكلّما كان الحكم الواقعي غير معلوم فالمنجّز هو الحكم الظاهري دونه ، لعدم العلم به الذي هو من شرط التنجيز.
وأمّا اجتماع المصلحة والمفسدة في الوجود الواحد بلا كسر وانكسار فهو ليس بمحذور ؛ إذ من الممكن بمكان من الإمكان أن يكون وجود واحد منشئا لأثرين من جهتين، كأن يكون شرب السكنجبين الحارّ مزيلا للصفراء من حيث ذاته ، ومورّثا لضعف القلب من حيث وصف حرارة مائه.