بشرط لا ، وحينئذ يحكم عليه بالغيريّة للكلّ ومقدّميّته له وأنّه صار متحصّلا منه ومن سائر الأجزاء ، ويصير متعلّقا للوجوب المقدّمي ، فقد لزم اتّصاف الشيء الواحد في النفس بعرضين نفسيين متضادين وهما الجزئيّة والكليّة ، وكذا يلزم اجتماع المثلين أعني الوجوب النفسي والغيري ، وليس وجه صحّة ذلك إلّا اختلاف كيفيّة التعقّل ونحو الاعتبار.
فقوام كليّة الإنسان في المثال الأوّل بتجرّده عن الخصوصيّات في عالم التعقّل مع عدم ملحوظيّة تجرّده ، وقوام جزئيّته بلحاظ وصف تجرّده ، وقوام عينيّة الحمد والقطرة للصلاة وماء الحوض بلحاظهما لا بشرط ، وقوام جزئيتهما بلحاظهما بشرط لا.
فكما جاز في هذين الموضعين جمع المتضادّين والمتماثلين في معروض واحد بمجرّد اختلاف كيفيّة التعقّل ، فنقول في المقام أيضا : إنّ الخمر مثلا عند عروض المبغوضيّة عليه متّصف في عالم التعقّل بالتجرّد عن المبغوضيّة ، ومبغوضيّته متقوّمة بذلك ، ولا يمكن اتصافه بها مع كونه متّصفا بها ، وأمّا عروض الإباحة عليه فيكون في حال كونه متّصفا في عالم التعقّل بمفروغيّة مبغوضيّته وشكّ المكلّف فيها ، وهاتان كيفيتان لا يمكن جمعهما في تعقّل واحد ، واتصاف الخمر بالحرمة يكون في حال إحداهما ، وبالإباحة في حال الاخرى ، وليس لمقامنا زيادة على المقامين أصلا ، فكما لا يستشكل فيهما من جهة جمع الضدين أو المثلين فلا بدّ أن لا يستشكل أيضا فيه.
هذا حاصل الكلام في دفع لزوم اجتماع الضدين والمثلين في النفس ، بقي الكلام في أمرين آخرين :
أحدهما : اجتماع المصلحة والمفسدة وترخيص ما فيه المفسدة وتحريم ما فيه المصلحة.
والثاني : التكليف بما لا يطاق وهو اجتماع إيجاب الفعل وإيجاب الترك في موضوع واحد في ما لو كان الفعل بحسب الواقع حراما ، وأدّى الطرق إلى وجوبه ، أو العكس.