وفي عين هذا المثال الذي لم يكن إرادة هذا الواحد مظنونة للعبد وكان شاكّا لو كان الواقع أيضا كذلك وغير مقصود واقعا ، كما احتمله العبد ، ولكن أخبره مع ذلك وحضر هو مع الجماعة فهل يصح للمولى [أن يقول] : لم أخبرت هذا فإنّي لم احبّ ضيافته ، ولو قال ذلك فأجابه العبد بأنّك قلت : أخبر كلّ الطلاب ، فما تقصيري ، كان عذرا مقبولا وحجّة موجّهة؟
ثمّ افرض في هذا المثال أنّ العبد ظنّ بعدم إرادة الشخص الخاص ، لكن بظنّ غير معتنى به عند العقلاء ، كالحاصل من النوم ، فلم يخبر الشخص ولم يعلمه الضيافة ، فهل يصحّ أن يقول في جواب المولى ويحتج بأنّي : رأيت في المنام أنّك لا تحبّ صحبة هذا الشخص ولا تميل في مجالسته ، فظننت من هذا بأنّك ما قصدت من قولك إيّاه؟.
وكذلك في هذا المثال لو لم يعتن بظنّه الحاصل من نومه وأعلم الشخص ، فأتى مع الجماعة المدعوّين ، فاتّفق مصادفة ظنّه الواقع وأنّ المولى واقعا كان كارها لحضوره وغير قاصد له من الكلام فلا حقّ له بمؤاخذة العبد ، فإنّ حجة العبد في قباله ـ : قلت لى : أعلم الجميع ، وما كان بيدي سوى النوم وهو ليس محلا للاعتبار فما تقصيري ـ مسموعة.
نعم لو ظنّ ظنّا يعمل على طبقه العقلاء ويعتنون بشأنه ، كما لو حصل من مأخذ صحيح ، فحينئذ يصير هذا الظنّ حجّة في قبال الظهور ، وكذا الحال في الشارع ، ولو كان الظنّ ممّا يعتبره العقلاء وعند الشرع كان ملغى فهو لا يقوم في قبال الظهور عند الشرع وإن كان له صلاحيّة ذلك عند العقلاء.
ثمّ افرض أنّ لمولى عبدين ، فخاطب أحدهما في بيته وقال له : يجب على جميع عبيدي احترام العلماء وتوقيرهم ، ولا بدّ أن لا يصدر منهم خلاف الاحترام بالنسبة إلى واحد منهم ، واتّفق وجود العبد الآخر في البيت وسماعه هذا الحكم ، ولم يشعر بذلك المولى ، فلم يطع العبد الثاني وصدر منه خلاف الاحترام بالنسبة إلى بعض العلماء ، واطّلع المولى فيما بعد وجود هذا العبد في البيت عند مخاطبته مع العبد الآخر وسماعه للحكم ، فهل ترى مانعا من صحّة المؤاخذة وجعله في معرض العتاب و