بالمفاوز تفؤّلا بالخير ، فنقطع بأنّ بإزاء الصحاري المخوفة المهلكة اسما في الفارسيّة أيضا ، ثمّ لو بقينا على الشكّ ولم يتّضح الحال بعد تخلية الذهن أيضا في نادر من المقامات فلا بأس بإجراء الأصل في هذا المقام ، ولا يلزم ارتفاع الدين بالأصل كما هو إحدى مقدّمات الانسداد.
ثمّ لو سلّمنا تماميّة مقدّمات الانسداد فمقتضاها حجيّة كلّ ظنّ فعلي ، ومن جملته الظنّ الحاصل من قول اللغوي ، مثلا إذا قال اللغوي : الصعيد اسم لمطلق وجه الأرض فحصل الظنّ بصدقه فيحصل الظنّ قهرا بترتّب حكم الصعيد على الرمل والحصى ، وأين هذا من المدّعى من اختصاص الحجيّة بخصوص الظنّ الحاصل من قول اللغوي.
وبالجملة ، نتيجة مقدّمات الانسداد على فرض تسليمها مخالفة للمدّعى من جهتين، الاولى : أنّ نتيجتها حجيّة الظنّ الشخصي الفعلي والمدّعى هو الظنّ النوعي.
والثانية : أنّه لا اختصاص بحسب هذه المقدّمات بالظّن الناشي من قول اللغوي والمدّعى هو الاختصاص بهذا الظن.
والحاصل أنّ معنى الحجيّة صحّة الاعتذار ، فلو تيمّم على الحصى مع إمكان التراب ، فسأل الله عن ذلك يوم القيامة أمكن أن يجاب بأنّه : قد قال الجوهري مثلا بأنّ الصعيد أعمّ ، فإن حصل الاطمئنان بحيث صحّ الجواب عند سؤال الله فهو معنى الحجّة ، وإن لم يحصل هذا الاطمئنان والجزم فلا حجيّة.
والإنصاف عدم حصوله من هذه الأدلّة ، فإذن فلا بدّ من الرجوع في كلّ مقام إلى الأصل المناسب به ، ففي هذا المثال يرجع إلى الأصل الجاري في الأقلّ والأكثر ، لكون الترديد بين مطلق وجه الأرض أو خصوص التراب الخاص ، فإن قلنا إنّه البراءة حكم بها ، وإن قلنا إنّه الاشتغال حكم به.
بقي الكلام في أنّه هل يفيد ضمّ أصل عدم القرينة إلى قول اللغوي في تشخيص الظواهر أولا؟ فإنّه قد ذكرنا خبرويّته في تشخيص أصل موارد استعمال اللفظ في كلام العرب ، فبعد تشخيص كون المعنى من موارد استعمال اللفظ بالرجوع