ويحتمل أيضا أن يكون قد اطّلع على فتاوى جماعة في خصوص المسألة ، ولكن حصل له القطع لكونه سريع القطع ، بحيث لا ينتفي حصول القطع بهذا المقدار بحسب المتعارف.
ويحتمل أن يكون قد اطّلع على فتاوى جماعة وحصل له القطع ، لكن من جهة أنّه تتبّع أحوالهم وحصل له اطلاع زائد فصار قاطعا بفتواهم بحكم الله لحسن ظنّه بهم واحتسابه إيّاهم لسانا للفقهاء ، كما لو اطّلع على حصول علم لهم قد وصل إليهم صدرا بصدر ، فهم حاكون لحكم الإمام بما عندهم والثابت في صدورهم منتقلا إليه من صدور أسلافهم ؛ فإنّ من المعلوم عدم حجيّة النقل في هاتين الصورتين أيضا بالنسبة إلى من ليس له هذا الاطلاع بأحوالهم ، فحينئذ يبتنى حجيّة نقل الإجماع على وجود دليل بحجيّة نقل حكم الله بأيّ وجه كان إذا كان الناقل ثقة.
فنقول : أمّا السيرة وبناء العقلاء فمعلوم أنّه بالنسبة إلى غير هذا المورد ، وأمّا الأخبار المدّعى تواترها في الجملة فموردها حجيّة نقل الرواة في الأحاديث التي سمعوها من لسان الإمام ، وأمّا الآية (١) فأوّلا : يتوقّف أصل دلالتها على حجيّة خبر العادل على القول بثبوت المفهوم لمطلق الوصف ، وتقرّر في محلّه عدم ثبوته.
وثانيا : على فرض القول بثبوته في مطلق الوصف أو في خصوص هذا الوصف نقول : إنّ المستفاد من الآية في موضوع خبر العادل حكم حيثي وهو الاعتبار بخبره من حيث احتمال تعمّده الكذب في أخباره ، فالآية دالّة على عدم الاعتناء بهذا الاحتمال ، فخبره في الحسيّات بعد رفع احتمال تعمّده الكذب بالآية ، ورفع احتمال خطائه في الحس وسهوه ونسيانه بالأصل العقلائي الجاري في حقّ كلّ عاقل ، يحمل أقواله وأفعاله وحركاته وسكناته على الوجه الصحيح ، لا على وجه الغفلة والسهو والنسيان ، يكون متّبعا.
وأمّا في الحدسيّات فالآية أيضا دالّة على الاعتناء بخبره من الحيثيّة المزبورة
__________________
(١) أي آية البناء.