ولا إشكال في القسم الثاني من القسم الثاني أيضا عكسا ، بمعنى عدم إمكان الوصول إلى رأي الإمام بنفس نقل الإجماع لا كاشفا ولا منكشفا ، أمّا الأوّل فلما هو المفروض من أنّه لا يصير سببا للقطع عند المنقول إليه ، وأمّا الثاني فلأنّ حكايته مبنيّ على ما لا يراه المنقول إليه للمدركيّة للحدس ، وهذا غير مشمول لأدلّة حجيّة الخبر ، بمعنى أنّه قاطع ببطلان الحدس والخبر المبني على الحدس الباطل لدى من يراه باطلا لا نفي الأدلّة بحجيّته.
نعم في القسم الأوّل منه يمكن إثبات حجيّة نقله من حيث الكاشف بأدلّة الحجيّة بالنظر إلى الأثر التعليقي الثابت لجزء الموضوع ، فيفرض ما نقل إليه من فتاوى فلان وفلان وفلان إلى خمسين نفرا مثلا كأنّه المحصّل عنده ، وهي وإن كانت بنفسها لا يفيد له القطع ، ولكن حسب الفرض يمكن أن يفيده له بعد ضمّ أقوال خمسين نفرا آخر حصّلها بنفسه ، وقرائن وأمارات أخر إلى أقوال الخمسين التي نقلها الثقة ، فأوجب المجموع قطعه بحكم الله ورأى المعصوم ، فيكون مشمولا للأدلّة بملاحظة هذا الأثر المعلّق حصوله على حصول الضميمة وتتمّة السبب.
بقي الكلام في القسم الثالث وهو الثابت في الإجماعات المنقولة ، وهو صورة عدم تبيّن الحال ونقل الإجماع بدون تصريح بصاحبي الأقوال وعددهم ؛ فإنّه يحتمل أن يكون هو من قبيل ما ذكره شيخنا المرتضى من أنّه ربّما يكون الإجماع على الأصل فيدّعيه الناقل على الفرع ، كما لو استدلّ على عدم جواز الصلاة المؤدّاة في وسعة الوقت لمن كان عليه المقضيّة بالإجماع لوجود خبر ثقة على هذا المضمون بملاحظة إجماعهم على اتّباع خبر الثقة ووجوب العمل به.
أو يحكى الإجماع على طهارة خرء الطير بملاحظة وقوع الإجماع على أنّ كلّ مشكوك طاهر حتى يعلم أنّه قذر ، مع أنّ من المعلوم أن لا ملازمة بين الإجماع على الأصل في المسألتين وبينه في الفرع ؛ إذ ربّما لم يكن الراوي عندهم ثقة أو لم يتّضح دلالة الخبر عندهم ، أو كان له معارض أقوى ، وكذا ربّما كان لهم دليل على النجاسة في المسألة الثانية ، ولا يجري الأصل مع وجدان الدليل.