اجتماعهم على وجوب العمل وترتيب آثار الواقع على مؤدّى الخبر ، فيكون تتميم الأمر بهذا البناء ، ولو نوقش فيه فلا بدّ من التوقّف عند احتمال إناطة الحكم بوجوب الأخذ بوجود شيء آخر.
قلت : لا حاجة إلى البناء الثالث في مورد الاجتماع ، فإنّه لا يعقل سدّ باب العدم من هاتين الحيثيتين مع فرض انحصار بابه فيهما ، ومع ذلك نتوقّف في مقام العمل ، فلا بدّ إمّا من العمل أو رفع اليد من أحد هذين الأصلين التعبّدي والعقلائي ، فلهذا نقول في موارد عدم رخصة الشارع في ترتيب الأثر بمجرّد العدالة كما في باب الشهادة حيث اعتبر العدد أيضا مضافا إلى العدالة : أنّه لا بدّ فيها من الالتزام بأحد امور ثلاثة :
الأوّل : أنّ هذا مستثنى من القاعدة التعبّديّة المدلول عليها بالآية من إلغاء احتمال التعمّد للكذب في إخبار العادل ، والقول بتخصيص هذه القاعدة في باب الشهادة ، بأن كان الشارع لأجل الاهتمام بهذا المورد قد اعتنى بالاحتمال المذكور ، إلّا أن يكون المخبر اثنين ، ولم يلغه في صورة الوحدة ، وعلى فرض القول بأنّ القاعدة عقلائيّة وليست بتعبديّة صرفة والآية إمضاء لطريقة العقلاء وتقرير لبنائهم من تصديق الأمين والثقة فالشارع في باب الشهادة لم يمض هذه الطريقة بل خطّأها.
والثاني : أن يكون الشارع في باب الشهادة قد خطّأ العقلاء في أصلهم الجاري لرفع احتمال الغفلة والنسيان ، فلم يعتن بهذا الأصل في موضوع العدل الواحد في باب الشهادة ومقام المرافعات.
والثالث : أن يكون الشارع قد اعتبر في موضوع وجوب الحكم بمعنى فصل الخصومة عمّا بين المترافعين ـ الذي جعله منصبا للقاضي ـ العدد ، فما لم يكن الشاهد متعدّدا لم يتحقّق موضوع الحكم ، فليس الحكم عند فقد العدد بمشروع وإن كان الوصول إلى الواقع وترتيب آثاره بينه وبين الله حاصلا بنفس إخبار العادل.
وبعبارة اخرى : لنا هنا شيئان :
الأوّل : هو إدراك الواقع وترتيب آثاره والالتزام بأحكامه في مقام العمل ،