التقييد ، كما قال : أكرم العلماء العدول ؛ لأنّه تمسّك بالعام في الشبهة الموضوعيّة.
وحينئذ نقول : كما يرفع الشكّ بواسطة العلّة عن الأفراد المشكوكة ، كذلك لو كان الكلام ذا مدلولين ، منطوق ومفهوم ، فالعلّة المذكورة فيه تدلّ على انتفاء نفسها في مورد المفهوم ، وجه الدلالة أنّ العلّة علّة لمجموع ما للكلام من المدلول ، والفرض أنّ من مدلوله حصر الحكم على الموضوع المذكور فيه الذي هو منشأ أخذ المفهوم.
فإذا قيل : أكرم زيدا إن جاءك لأنّه يعطيك درهما ، يفهم منها أنّ العلّة أيضا مقصورة على صورة المجيء وأنّ في صورة عدمه لا يعطي الدرهم وإن أكرمه.
وبالجملة ، بعد ما فرضنا أنّ القضيّة الشرطيّة ومدلولها ومفادها في حدّ ذاتها إثبات الحكم على وجه الحصر ، فإيراد العلّة أيضا لا محالة يكون على هذا المفاد ، ومعنى إيرادها عليه أنّ العلّة غير مشتركة بين صورتي وجود الشرط وعدمه ، بل مختصّة بالصورة الاولى.
نعم لو فرضنا العلم من الخارج بالاشتراك فحينئذ نأخذ بعموم العلّة ونجعله صارفا ومانعا عن انعقاد استقرار ظهور الجملة في المفهوم ، لكن عند عدم العلم وفرض مشكوكيّة الحال يحكم ظاهر العلّة بواسطة ارتباطها بالحصر بعدم وجودها في حالة عدم الشرط ، ويرفع الشكّ الحاصل لنا ، كما قلنا : إنّ العالم المعلوم من الخارج عدم عدالته نحكم بخروجه من العام في قوله : أكرم العلماء لأنّهم عدول بقضيّة العلّة ، وأمّا الفرد المشكوك العدالة يرفع الشك في عدالته ويحكم بدخوله بقضيّتها أيضا.
ثانيها : وهو إشكال على جميع أدلّة الحجيّة لخبر الواحد ولا اختصاص له بالآية : أنّ حجيّة خبر الواحد يلزم من وجودها عدمها ، وكلّ ما يلزم من وجوده عدمه فهو محال ، ينتج أنّ حجيّة خبر الواحد محال.
أمّا الكبرى فواضحة ، وأمّا الصغرى فلأنّ من جملة أخبار الآحاد التي نقول بحجيّتها خبر السيّد قدسسره بعدم حجيّة خبر الواحد ، لاجتماعه جميع شرائط القبول والحجيّة ، فلو كان خبر الواحد الذي من جملته خبر السيّد بعدم الحجيّة حجّة لزم من حجيّته عدمها.