بالموهومات مع عدم استلزام العسر.
وبالجملة ، فالاحتياط الغير الموجب للعسر واجب الأخذ ، وهو قد ينطبق على المظنونات فقط ، وقد ينطبق عليها وعلى بعض المشكوكات ، وقد ينطبق على المظنونات والمشكوكات مع إضافة بعض الموهومات.
وأمّا على تقدير الحجيّة بالإجماع لا ورود لهذا الإشكال ، بل القائل في سلامة عنه كما هو واضح ، لفرض قيام الإجماع على حجيّة الظنّ النوعي الحاصل من الأخبار ، فعلى الثاني يثبت حجيّة الظنّ النوعي المذكور ، والأوّل غير ملازم لحجيّة الظنّ الفعليّ المطلق.
الوجه الرابع من وجوه تقرير الإجماع على حجيّة الخبر هو التمسّك ببناء العقلاء ، فإنّه لا شكّ في استقرار طريقة العقلاء على العمل بخبر المفيد للاطمئنان ولو لم يكن الناقل ثقة ، ولكن حصل الوثوق بالصدق من أجل أمارة خارجيّة ، وجرت عادتهم على ذلك في امورهم العادية ، وهذا ثابت في غير فرق المسلمين من أهل الملل ، بل ومن غيرهم ممّن لا يتديّن بدين كالدهري ، فإنّه لو اطمئنّ الدهري بأنّ سفر البحر وركوب السفينة لا يوجب الغرق لنفسه وماله وحصل له هذا الاطمئنان من إخبار المخبرين فهو يقدم على هذا السفر ، مع أنّه محتمل مع ذلك للغرق ولكن لا يعتني به ، بل يعامل معاملة المعدوم.
وكذلك الحال في معاملة العبيد مع مواليهم ، فلو حصل الاطمئنان للعبد أنّ مولاه أراد الركوب وأراد ركوبه معه في ركابه ، وحصل له ذلك بنقل ناقل مع وثوق الناقل أو ضميمة أمارة خارجيّة ، يركب بمجرّد ذلك ويذهب إلى مقرّ المولى ، بحيث لو لم يركب وكان المولى مريدا واقعا لم يكن معذورا ، وبالجملة فمجبوليّة العقلاء واقتضاء فطرتهم ذلك في جميع امورهم ممّا لا يقبل الإنكار.
إن قلت : نعم ولكنّهم غير معصومين وقابلون للخطإ ، وهذا هو الفارق بين بناء العقلاء وحكم العقل ، فإنّ الحاكم قاطع بحكمه ولا يحتمل الخلاف وإن كان من