الأقوى منهما ، فيكون مخيّرا بين الفعل والترك.
هذا في ما إذا كان كلّ من العلم الإجمالي والأصل مثبتين للتكليف ، وأمّا لو كان العلم مثبتا للتكليف والأصل نافيا له كما في مثال الإنائين فإنّ العلم مقتض تعييني في تحريم كلّ من الإنائين ، والأصل مقتض تعييني لترخيص كلّ منهما ، ولا شكّ في تقديم مقتضي التحريم على مقتضي الترخيص وإن فرض كون الثاني أقوى من الأوّل بمراتب ، فإنّ في العمل بالأوّل عملا بكلا المقتضيين بخلاف العمل بالثاني ، فإنّه طرح للأوّل ، فلهذا يجب الاحتياط في ذلك المثال ، ويثبت التخيير في المقام.
ومن هنا يظهر حال العلم الإجمالى بمخالفة الاصول النافية الواردة في موارد الأخبار المثبتة ، وأنّ الحكم العمل بالعلم وطرح الأصل ، وذلك لأنّ الشكّ في كلّ واحد من الفعلين مقتض تعييني للترخيص ، ولكن إجراء كليهما غير ممكن ، فيرجع الأمر بحكم العقل إلى التخيير بإعمال المقتضي المذكور في أحد الإنائين ، والعمل فى الآخر على طبق العلم الإجمالي ، ولكن مع ذلك يكون في البين مقتض على الخلاف في البين ، فإنّ العلم الإجمالي يقتضي التجنّب عن النجس الواقعي ، ولعلّه كان في ضمن هذا الإناء الذي حكم بترخيصه بالأصل.
وحينئذ فإن كان اقتضاء هذا العلم واقعا وبنظر الشارع أقوى من اقتضاء الشكّ كان اللازم طرح الأصل في الموردين والتجنّب عن كلا الإنائين ، وإن كان اقتضاء الشكّ أقوى ، لزم ترك العمل بالعلم وإجراء الترخيص في كلا الإنائين ، ولو شكّ في أنّ أيّهما أقوى كان المتعيّن حينئذ هو الاحتياط بالجمع بعدم مخالفة أحد المقتضيين لإمكانه هنا ، فإنّ ترك الارتكاب ليس مخالفة للحكم الترخيصي كما عرفت.
فتحصّل أنّ نتيجة تحيّرا لمكلّف في الأقوى من المقتضيين في الصورة السابقة أعني ما إذا كان الأخبار مثبتة للتكليف والاصول مثبتة للتكليف المخالف هو التخيير في كلّ مورد بين الفعل والترك ، لعدم إمكان الاحتياط ، وامّا في الصورة الثانية اعني ما إذا كان الأخبار مثبتة للتكليف والأصل نافيا له فهو الاحتياط.