حاله حال العلم الوجدانى.
ولازم هذا أنّه لو خالف المكلّف في هذا المثال ولم يعمل بالطريق وترك الظهر والجمعة معا ثمّ تبيّن أنّ الواجب واقعا كان هو الجمعة ، لم يكن المكلّف مستحقّا لعقوبة إلّا عقوبة التّجري ؛ فإنّ الظهر الذي قام الطريق على وجوبه تبيّن عدم كون الواقع متحقّقا فيه ، وقد تقرّر في محلّه أنّ الأحكام الظاهرية ليس في مخالفتها من حيث نفسها استحقاق عقاب ، وإنّما هو من جهة مخالفة الواقع ، والمفروض أنّه لو صادف مع خلاف الواقع لم يكن في مخالفتها عقاب أصلا إلّا عقاب التّجري.
وأمّا عدم الاستحقاق على ترك الجمعة فهي وإن كان الواقع في ضمنها ، ولكن كان للمكلّف فيها أصالة البراءة ، فيلزم ارتفاع العقوبة عن ترك الجمعة وعن ترك الظهر معا ، نظير ما لو علم جهلا مركّبا بوجوب الظهر بعد العلم إجمالا بوجوب واحد منه ومن الجمعة ، ثمّ خالف وترك كليهما ، ثمّ ظهر أنّ الواجب هو الجمعة ، فإنّه لا إشكال حينئذ في عدم استحقاقه عقابا على ترك شيء منهما.
أو أنّ قيام الطريق المعتبر ليس بمنزلة العلم الوجداني موجبا للانحلال الحقيقي وانعدام العلم الإجمالي موضوعا ، بل مع ذلك يكون موضوعه موجودا ويكون أثره بالنسبة إلى تنجيز الواقع على المكلّف باقيا ، ففي المثال يكون له استحقاق العقوبة على ترك الواقع ، وغاية ما هناك بعد قيام الطريق أنّه لو أتى المكلّف بالطرف الذي قام عليه طريق ولم يأت بالطرف الآخر فظهر وجود الواقع في الآخر كان العقاب مرتفعا ؛ إذ ليس للمولى مطالبة الواقع المعلوم بالإجمال منه وعدم اكتفائه بمؤدّى الطريق ، فإنّ هذا مناف لتنزيله المؤدّى منزلة الواقع وجعله إيّاه نفس الواقع ، فإنّ مقتضى ذلك أنّه متى سلّم العبد هذا المؤدّى عند طلب المولى للواقع تسلّمه المولى عوضا لمطلوبه.
والحاصل أنّ قضيّة العلم الإجمالي الموجود بالوجدان بعد قيام الطريق المعتبر هو تنجيز الواقع على المكلّف بمعنى أنّه يوجب على المكلّف ويلزم عليه بحكم العقل