قيل : أكرم العلماء فإخراج زيد العالم تخصيص وخروج زيد الجاهل تخصّص ، ويرجع إليه الورود بل هو قسم من التخصّص ، فالتخصّص أعمّ من الورود لأنّ الورود عبارة عن كشف دليل أي الوارد عن خروج مورده عن موضوع دليل آخر أعني المورود.
وبعبارة أخرى : يكون أحد الدليلين سببا لخروج الفرد عن موضوع الدليل الآخر بحيث لو لم يرد الدليل الوارد كان داخلا في موضوع الدليل المورود وكان من أفراده ، وهذا كالعلم بالنسبة إلى سائر الأصول فبمجرّد وجوده يخرج متعلّقه عن موضوع أدلّة الأصول وجدانا لارتفاع الشك والتحيّر واقعا ، والتخصّص أعم من هذا ومن خروج الشيء عن موضوع الحكم لا بمعونة دليل آخر كخروج زيد الجاهل عن موضوع أكرم العلماء في المثال السابق ، وتوهّم التعارض بين الوارد والمورود في النظر البدوي لمكان الدليلين ، لكن بعد أدنى تأمّل يظهر عدم التعارض واختلاف موضوعهما وعدم اجتماعهما ، ويقرب الورود لسان التفسير في عدم المعارضة مع المفسّر ـ بالفتح ـ بل أظهر ، فلو قال : أكرم العلماء أعني عدولهم فلا يشكّ أحد في تقديم المفسّر ـ بالكسر ـ والحكم بأنّ موضوع حكم وجوب الإكرام خصوص العدول ، وإن كان شبيها بالتخصيص بل لا يبعد إرجاعه إليه.
وأما لسان التنزيل كما لو ورد : لا صلاة إلّا بوضوء ، وورد التيمم وضوء ، فلا تعارض بينهما أيضا ، لأنّ الدليل الثاني كافل لتعميم موضوع الشرط المستفاد من الدليل الأول ، فكأنّه قال أوّلا لا صلاة إلّا بوضوء أو تيمم ، ويمكن إرجاعه إلى التخصيص أيضا كما يظهر بالتأمّل ولا إشكال.
وكيف كان ، لا إشكال في أنّ الأصول بأجمعها مورودة بالنسبة إلى العلم