أما الأول فلأنّ ظاهر قوله (عليهالسلام) : لا تنقض اليقين إلّا بيقين مثله (١) اليقين الوجداني لا اليقين التنزيلي ، فنقض اليقين في الفرض المذكور بالشك الوجداني لا باليقين كما تخيّله.
وأما الثاني فلأنّه لا حاجة إلى توسيط طريق الحكومة على الفرض الذي تخيّله الموجّه وهو أن يكون المراد باليقين في المستثنى أعمّ من اليقين الوجداني والتنزيلي على ما يظهر تسليمه من المصنف ، لأنّ ما قام عليه دليل علمي في عرض العلم على هذا الفرض البتّة ، فكما أنّ الاستصحاب مورود بالنسبة إلى العلم فكذا بالنسبة إلى ما هو بمنزلته ، فتدبّر جيدا.
وأما الحكومة فهي عبارة عن كون أحد الدليلين ناظرا إلى الآخر وشارحا له بمدلوله اللفظي بمعونة لفظ واقع في الدليل الحاكم أو بمعونة سياق نفهم منه ذلك كما لو قال : أكرم العلماء وقال : لا تكرم فسّاقهم ، فبسبب رجوع ضمير فسّاقهم إلى العلماء يفهم أنّه بصدد شرح قوله : أكرم العلماء ، وأنّ حكم وجوب الإكرام مختص بغير الفسّاق ، وهكذا لو قال : لا تكرم الفسّاق وعلم من سياق الكلام أنّه ناظر إلى شرح قوله أكرم العلماء.
والفرق بينها وبين التخصيص أنّ الحاكم بتقديم الخاص على العام هو العقل بعد العلم بالتعارض وأظهرية الخاص بالنسبة إلى العام في مقدار مدلول الخاص.
وأما سرّ تقديم الحاكم على المحكوم ، أنّ الدليل الحاكم بمدلوله اللفظي قاض بأنّ المراد من العام المحكوم غير مورد الدليل الحاكم ، مثلا لو قيل : بأنّ
__________________
(١) ورد مضمونه في الوسائل ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١ وغيره.