اليد عن أصالة الحل والإباحة انتهى ، فالإيراد على هذا أنّ أصالة عدم التذكية حينئذ لا معنى له للعلم بقبوله للتذكية بذلك العموم.
قوله : وإن كان الوجه فيه أصالة حرمة لحمه قبل التذكية ففيه (١).
ليس المراد بحرمته قبل التذكية حرمة أكله حيا البتّة وإلّا لما كان لقوله لأجل كونه من الميتة معنى ، بل لعل مراده حرمة كل جزء من أجزائه إذا أبين من الحيوان فإنه ميتة يعني غير مذكى ، وحينئذ لا يجري استصحاب حرمة كل جزء بعد التذكية لتبدل موضوع الميتة بالمذكى ، فيحتاج حرمته إلى موضوع آخر.
ويرد عليه : أنّ الموضوع هذا اللحم الموجود وهو محفوظ في الحالتين ، وهذا المقدار من تفاوت الموضوع يوجد في كل استصحاب وليس الأمر مبنيا على مثل هذه المداقّة.
والتحقيق أن يقال : إنه إن أريد استصحاب الحرمة الذاتية فليس لها في السابق حالة متيقنة ، وإن أريد استصحاب الحرمة العرضية فهي متيقنة الزوال بعد التذكية ، اللهم إلّا أن يراد الاستصحاب الكلي فعلى القول بحجيته لا إشكال هنا لما عرفت من منع تبدّل الموضوع.
قوله : وأما الافتاء بوجوب الاحتياط فلا إشكال في أنّه غير مطابق للاحتياط (٢).
الأولى أن يقال : إنه إن لم يجب الإفتاء على المفتي في هذه المسألة فالأحوط ترك الإفتاء ، وإن وجب الإفتاء عليه فإن ترجّح في نظره القول بالبراءة يجب عليه الفتوى بالبراءة معيّنا ، وإن ترجّح في نظره الاحتياط يجب
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١١٠.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١١٢.