قوله (عليهالسلام) «لا يحلّ مال امرئ إلّا من حيث أحلّه الله» (١) شامل لما أحلّه الله بأدلة البراءة ، وبهذا يظهر ما في قوله ومبنى الوجهين أنّ إباحة التصرّف هي المحتاجة إلى السبب فيحرم مع عدمه إلى آخره ، لأنّ قوله (عليهالسلام) «كل شيء حلال» سبب للإباحة وكأنّه (رحمهالله) نظر إلى الإباحة الواقعية والحرمة الواقعية ، وأنت خبير بأنّ الإباحة الظاهرية المطلوبة في المقام لا يحتاج إلى سبب غير أدلة البراءة.
قوله : فإنّ أصالة عدم التذكية المقتضية للحرمة والنجاسة حاكمة على أصالة الإباحة والطهارة (٢).
قد يورد عليه وعلى المثال الأول أيضا بأنه لو لم يكن هناك أصل موضوعي أيضا لم تكن أصالة الحلّ جارية ، لأنّ حلّية الوطء مشروطة بالزوجية وحلّية أكل اللحم مشروطة بالتذكية ، وحينئذ يجب إحراز الشرط في الحكم بالحلية ، والشك في الشرط كاف في عدم ترتّب الحكم ، وذلك نظير كون الصلاة مشروطة بالطهارة فلا بدّ من إحراز شرط الطهارة في الحكم بصحة الصلاة ، فلو شك في الطهارة يحكم بعدم صحّة الصلاة ولا يتوقف على إجراء أصالة بقاء الحدث في الحكم بالبطلان.
وجوابه : أنّه كذلك بحسب القاعدة الأولية مع قطع النظر عن قوله «كل شيء لك حلال» إلى آخره ، وأما بملاحظته فيحكم بالحلية من دون شرط إذ لم يؤخذ في موضوعه غير كون الشيء مشكوك الحكم وهو حاصل ، والفرق بينه وبين ما مثّل به في النظير أنّ التكليف هناك معلوم بالصلاة مع الطهارة ، فبمقتضى
__________________
(١) الوسائل ٩ : ٥٣٨ / أبواب الأنفال ب ٣ ح ٢ (مع اختلاف يسير).
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٢٨.