قلت : لمّا كان البحث عن الحيثية الثانية بإجراء أحد الأصلين من البراءة أو الاحتياط مغنيا عن الأولى ولا يترتب على البحث الآخر ثمرة أصلا فلا وجه لتعرّضه مرتين ، فتأمل.
قوله : والحكم بالثواب هنا أولى من الحكم بالعقاب على تارك الاحتياط اللّازم (١).
لعل نظره في وجه الأولوية أنّ في حكم العقل بقبح التجري وحرمته في المورد تأمّلا مرّ الكلام فيه في أول رسالة القطع ، بخلاف حكمه بحسن الانقياد في نفسه فإنّه مسلّم عند من لا يقول بقبح التجري أيضا.
وفيه : منع الأولوية وأنّهما في حكم العقل سواء ، فيحكم بحسن هذا واستحقاق الثواب عليه وقبح ذاك واستحقاق العقاب عليه في مرتبة واحدة ، بل نقول إنّ العقل يحكم في التجري كما في المعصية الحقيقية باستحقاق العقاب ولا يحكم في الانقياد بل في الإطاعة الحقيقية باستحقاق الثواب على الله ، وقد مرّ سابقا وجهه بأوفى بيان.
ويمكن أن يكون وجه الأولوية أنّ المحتاط يفعل الفعل بداعي المحبوبية والمتجرّي لا يفعله بداعي إتيان مبغوض المولى ، بل ربّما يفعله برجاء أن لا يكون مبغوضا وإن وجب عليه الاحتياط ظاهرا ، وفيه أيضا تأمل.
قوله : أو إجمالا كما في كل من الصلوات الأربع عند اشتباه القبلة (٢).
لو لم يكتف في تحقق عنوان العبادة باحتمال الأمر كما هو مبنى هذا الوجه لزم عدم كفاية العلم الإجمالي بالأمر في تحقق القربة وعبادية العبادة ، إذ
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٥٠.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٥١.