لا يكون فعل كل واحدة من الصلوات إلى الجهات الأربع إلّا باحتمال الأمر ، وعلم المكلف بعد الإتيان بجميع الصلوات الأربع بتعلّق الأمر بواحدة منها في الواقع لا ينفع بعد فرض الجهل به عند الفعل ، وكيف كان ظاهر عنوان المتن أنّ الكلام هنا في أنّ حسن الاحتياط العقلي هل يقتضي جواز فعل المحتمل الوجوب بعنوان العبادة وصحته على تقدير كونه مأمورا به واقعا في مقابل كونه تشريعا محرّما أم لا ، وما ذكره سندا لكل من الوجهين أيضا يناسب هذا المعنى ، إلّا أنّ ذيل كلامه يعطي أنّ الكلام في أنّ الاحتياط مستحبّ شرعيّ أم لا ، وسنشير إليه في محلّه بما فيه.
قوله : بل يكفي الإتيان به لاحتمال كونه مطلوبا (١).
وهذا هو الحق الذي لا محيص عنه ، لأنّ هذا المقدار يكفي في صدق عنوان الإطاعة ولا دليل على اعتبار أزيد من صدق الإطاعة في العبادة وهو حاصل هنا ، بل قد مرّ سابقا أنه يكفي في ذلك جعل الفعل لله بوجه من الوجوه كأن يفعله بداعي كونه محبوبا له مرضيا عنده ، ولا يعتبر قصد الأمر فيه ولو احتمالا فتذكّر.
قوله : (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ ما آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلى رَبِّهِمْ راجِعُونَ)(٢).
تقريب الاستدلال أنه تعالى قد أثنى على كل من يفعل فعلا للخوف عن فوت ما أراده الله منه ، فيكشف ذلك عن كون هذا الفعل مأمورا به مطلوبا له ، فثبت أنّ الاتيان بالمحتمل برجاء إدراك الواقع مأمور به ، والأظهر في معنى
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٥١.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٥٢.