الآية أنّ الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة من قبول أعمالهم أنهم إلى ربهم راجعون ، يعني فيما علموا فيه التكليف وعملوا على طبقه لا فيما احتملوا واحتاطوا.
والحق في الجواب عن الآيات أنها كأوامر الاحتياط أوامر إرشادية لا إطاعة ولا معصية لها وأنها تابعة للمرشد إليه ، والمصنف أجاب عنها بما في المتن ثم ردّ الجواب فكأنّه ارتضى الاستدلال بها حاملا للأوامر فيها بل وكذا أوامر الاحتياط على الطلب المولوي دون الإرشادي ، فأثبت الاستحباب النفسي لذات المحتمل ثم رتّب عليه جواز الفتوى بالاستحباب الشرعي للمحتمل من دون التقييد بأنه بعنوان الاحتياط.
ويرد عليه ـ مضافا إلى ما مرّ ، من أنّ هذه الأوامر غير محتملة إلّا للإرشاد على ما صرّح به في المتن في مواضع عديدة ـ أوّلا : أنّ صرفها عن ظاهرها من الإرشاد يحتاج إلى قرينة مفقودة ، ودعوى أنّ إطلاقها وشمولها للعبادات وغيرها مع توقّف شمولها للعبادات على أن يكون الأوامر فيها شرعية قرينة على صرف الظاهر ، مدفوعة بأنّ هذا ليس بأولى من العكس بأن يكون ظهورها في الإرشاد قرينة على عدم شمولها للعبادات ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ هذه التأكيدات البليغة بالاحتياط لا تلائم اختصاصها بغير العبادات ، بل العبادات أظهر أفراد مواردها ، ولمّا لم يمكن شمولها للعبادات إلّا على تقدير كون الأوامر شرعية فلا بدّ أن يحمل عليها.
وثانيا : أنا لو سلّمنا أنّ أوامر الاحتياط والتقوى ونحوهما شرعية إلّا أنها متعلّقة بعنوان الاحتياط بالفرض ، فينتج استحباب الفعل المحتمل أنه الواقع بعنوان الاحتياط لا استحبابه لا بهذا العنوان حتى يجوز الفتوى به من دون