يستكشف منها أمر شرعي ، وإما الثواب المخصوص البالغ فهو من باب التفضّل كما هو ظاهر هذه الأخبار لا الاستحقاق كي يلازم ثبوت أمر شرعي متعلّق بإتيان المحتمل.
وفيه نظر ، أما أوّلا : فلأنّ حمل هذه الأخبار على الإرشاد كما اختاره في الشق الأول غير مستقيم ، لما مرّ غير مرّة من أنّ حكم العقل في الإطاعة الحكمية بإتيان المحتمل ليس إلّا أنه إذا صادف الواقع حصل الامتثال وترتّب عليه الثواب المترتّب على الواقع ، ولو لم يصادف الواقع لم يترتب عليه شيء ، فلو كان مفاد الأخبار هذا المقدار كان إرشادا إلى حكم العقل ، ولمّا كان مفادها ترتّب الثواب على كل تقدير سواء صادف الواقع أو لم يكن كما بلغه وتخلّف عن الواقع لم يمكن حملها على الإرشاد ، فيكشف ذلك عن تعلّق أمر شرعي بإتيان المحتمل مطلقا وهو المطلوب.
ودعوى أن العقل يحكم بأزيد مما ذكر بأن يقال يحكم بترتّب الثواب على إتيان المحتمل مطلقا ، مدفوعة ـ مضافا إلى منعه وإلّا لزم منه حرمة التجرّي بالمقايسة والمصنف لا يقول بها ـ بأنّه لو كان كذلك كشف عن أمر عقلي مولوي يلزمه أمر شرعي كذلك بقاعدة الملازمة ، ويطابق هذا الأمر مضمون هذه الأخبار ، ويثبت به المطلوب أيضا من تعلّق الأمر الشرعي دون الإرشادي بإتيان المحتمل مطلقا.
وأما ثانيا : فلأنّ دعوى ظهور أخبار التسامح في أنّ الثواب الموعود به فيها من باب التفضّل لا الاستحقاق على ما أذعن به في آخر كلامه تكفي في الجواب عن إثبات الشرعية والاستحباب بها فلا حاجة إلى إتعاب النفس في ردّ الاستدلال بها بهذا التشقيق وهذه البيانات الطويلة فليقتصر على ذلك.