الواجب معيّنا ، فإذن لا منافاة بين أصالة البراءة من التعيين في تلك المسألة وأصالة البراءة من الوجوب ، أو أصالة عدم الوجوب وعدم المسقطية في مسألتنا ، وليس أحدهما حاكما على الآخر ، لأنّ الشك فيهما مسبب عن شيء ثالث وهو إجمال الخطاب أو التكليف.
ويمكن أن يقال : إنه بمقتضى إجراء أصل البراءة من التعيين يكفي الإتيان بالآخر وتحصل البراءة من التكليف المعلوم ، إذ المقدار المعلوم بالإجمال ليس أزيد من أنّ ترك الأمرين موجب لترتّب العقاب ، وبعد إتيان أحدهما لا يتيقّن العقاب ، ولا ينافي ذلك أصالة عدم وجوب المأتي به ، إذ غاية ما يلزم منه أنه غير واجب مسقط عن الواجب ، نعم أصالة عدم المسقطية مناف له لكنها محكومة بالنسبة إلى أصالة البراءة عن التعيين ، لأنّ الشك في الإسقاط ناش عن الشك في التعيين وعدمه ، فافهم ذلك فإنّه دقيق.
قوله : أو مباحا مسقطا (١).
أو مستحبا مسقطا أو مكروها مسقطا ، فإنّ الوجه في الجميع واحد ، ولا تجري أصالة عدم المسقطية وتجري أصالة عدم الوجوب التخييري ، وكذا أصالة البراءة على ما قررنا في الصورة الأولى.
قوله : وربما يتخيّل من هذا القبيل ما لو شك في وجوب الايتمام إلخ (٢).
ظاهر كلام المتخيّل أنه فرض الشك في أنّ صلاة الجماعة للعاجز بالايتمام فرد للواجب التخييري أو مستحبة مسقطة للفريضة ، ولذا أورد عليه
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٦٠.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٦٠.