الفعل ، وإن جعلنا حقيقة الصوم الكف عن الأمور المعهودة فالأمر أوضح.
قوله : وكيف كان فقد يقال في محلّ الكلام بالإباحة ظاهرا (١).
التحقيق كما مرّت الإشارة إليه في مبحث القطع أن يقال إنّ العلم الإجمالي بالتكليف يوجب الاحتياط بقدر الإمكان بحكم العقل المستقل ، فإن أمكن فالموافقة القطعية وإلّا فالموافقة الاحتمالية ، سواء علم بنوع التكليف كما في مثال الظهر والجمعة ، فإن أمكن يجب الاحتياط بإتيانهما معا وإلّا فبأحدهما ، أو بجنس التكليف كما في مسألتنا من دوران الأمر بين الوجوب والحرمة ، فإن أمكن الاحتياط التام كما لو علم بوجوب أحد الشيئين أو حرمة الآخر فيجب الموافقة القطعية بفعل الأول وترك الثاني ، وإن لم يمكن الاحتياط الكلي كما لو علم إجمالا بوجوب شيء أو حرمة ذلك الشيء بعينه ، فإن كانا تعبديين أو كان أحدهما المعيّن تعبديا يجب الاحتياط أيضا بقدر الإمكان بأن يفعله بقصد القربة أو يتركه بقصد القربة في الأول لتتحقق الموافقة الاحتمالية ، ولا يجوز له الفعل أو الترك لا بقصد القربة فإنّه مخالفة قطعية ، أو يختار المعيّن بقصد القربة أو غير المعيّن مطلقا في الثاني ، ولا يجوز اختيار المعيّن لا بقصد القربة لكونه مخالفة قطعية.
وأما إن كانا توصّليين فنقول فيه أيضا يجب الاحتياط التام إن أمكن كما لو فرض العلم بأنّ الوجوب على تقديره تخييري والحرمة على تقديرها عينية ، فيمكن الموافقة القطعية بأن يترك المشتبه ويأتي ببدله على تقدير وجوبه ، وإلّا فيجب أيضا فيه الاحتياط بقدر الإمكان غاية الأمر أنّ القدر الممكن ليس إلّا واحدا من الفعل أو الترك ، ولا يثمر هذا الحكم فائدة لأنّ المكلف لا يخلو عن
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ١٧٩.