الفعل أو الترك لا محالة ، بل يمكن أن يقال إنّه يثمر هذا الحكم أيضا بأن نلتزم بوجوب اختيار واحد من الفعل أو الترك بعنوان الاحتياط ورجاء مصادفة الواقع وأنّ اختياره لا بهذا العنوان مخالفة قطعية ، وهذا نظير ما مرّ سابقا في مسألة وجوب الفحص عن الدليل واشتراط العمل بالأصل به من أنه لو ترك الفحص وعمل بالأصل يعاقب على مخالفة الواقع ولو فرض أنه إن تفحّص لا يجد دليلا لعدم وجوده بين الأدلة ، وسرّه أن العمل بالأصل قبل الفحص لا يكون عذرا عند العقل بخلافه فيما بعد الفحص ، وهكذا نقول فيما نحن فيه إنّ الأخذ بالفعل أو الترك بعنوان الاحتياط ورجاء مصادفة الواقع عذر عند العقل ولا بذلك العنوان لا يعدّ عذرا وإن كان لا يتفاوت الأمر بحسب اختياره على التقديرين (١).
قوله : وليس العلم بجنس التكليف المردّد بين نوعي الوجوب والحرمة كالعلم بنوع التكليف (٢).
في الفرق بين العلم بجنس التكليف ونوعه نظر أما أوّلا : فبالنقض
__________________
(١) أقول : وفيه نظر أما أوّلا : فلأنّ حكم العقل بوجوب الأخذ بالفعل أو الترك لا معنى له بعد كون ذلك مما لا بدّ منه فإنه حكم بالأمر المضطر إليه وكيف يكون ذلك حكما لا يمكن مخالفته. وأما ثانيا : فلأنّ فرض كون الحكم المعلوم بالإجمال توصليا يمنع من اعتبار لزوم اختيار الفعل أو الترك بداعي الموافقة وبرجاء الموافقة فإنّه يرجع إلى التعبدي كما لا يخفى ، فإذن ما اختاره المصنف من الإباحة الظاهرية قوي في التوصليين فيما إذا لم يمكن الاحتياط باتحاد المتعلق ، نعم ينبغي أن يراد بالإباحة مجرّد عدم الحرج في الفعل والترك الذي هو مفاد أصالة البراءة العقلية وأغلب أدلتها النقلية لا الإباحة التي هي حكم من الأحكام الخمسة كما هو مفاد قوله (عليهالسلام) «كل شيء لك حلال» فإنّه مخالف للمعلوم من الوجوب أو الحرمة ، فتأمل.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ١٨٠.