بالتعبديين كما اعترف به والتوصليين مع تعدد المتعلّق كما عرفت في الحاشية السابقة. وثانيا : أنّ اللازم في صورة العلم بنوع التكليف إذا فرض اضطرار المكلف بارتكاب أحد الطرفين وترك الآخر أيضا هو الرجوع إلى الإباحة كما هو كذلك في صورة العلم بجنس التكليف المضطر في اختيار أحد النوعين فلا فرق.
والأقوى كما مرّ سابقا وجوب مراعاة العلم الإجمالي مهما أمكن مطلقا بحكم العقل المستقل سواء تعلّق بجنس التكليف أو بنوعه ، نعم فيما إذا علم إجمالا بوجوب شيء أو حرمته وكان الحكم توصليا لا يمكن الاحتياط بوجه فهو مخيّر في الفعل والترك ، لكن الحكم بالإباحة شرعا مشكل فإنّه مخالف للواقع قطعا ، وقد تفطّن المصنف لذلك وتعرّض لدفعه بقوله ولا ينافي ذلك التديّن بإباحته ظاهرا ، إذ الحكم الظاهري لا يجوز أن يكون معلوم المخالفة تفصيلا للحكم الواقعي من حيث العمل لا من حيث التديّن به. وفيه أنه وإن لم نقل بوجوب الالتزام والتدين بالأحكام في نفسه لعدم الدليل عليه كما مر في رسالة القطع مشروحا في المتن ، إلّا أنّ الالتزام بخلاف الحكم الواقعي المعلوم بالفرض غير جائز فإنه إدخال ما ليس من الدين قطعا فيه ، فإنّ الإباحة فيما نحن فيه مما نقطع بعدمه ، لأنّا نعلم أنّ الشارع جعل حكم المسألة الالتزام بالفعل أو الترك (١).
__________________
(١) أقول : فيه نظر ، لأنّ المصنف لا يقول بالإباحة الواقعية وإلّا لزم التناقض ، بل الإباحة الظاهرية ، ولا منافاة بين أن يكون حكم الشيء واقعا مخالفا لحكمه الظاهري على ما تحقق في محلّه ، وإن كان منافاة فهي في مطلق الأحكام الظاهرية لو خالفت واقعها.
لا يقال : إنّ الحكم الظاهري لا يكون إلّا مع الجهل بالحكم الواقعي ، وفيما نحن فيه نعلم