الشارع بوجوب رفع اليد عما يقتضيه الدليل الآخر لو لا هذا الدليل الحاكم ، أو بوجوب العمل في مورد بحكم لا يقتضيه دليله لو لا الدليل الحاكم وسيجيء توضيحه (١) انتهى ، فإنّه ينطبق على جميع الأقسام الأربعة التي ذكرناها سابقا.
نعم يرد عليه أنه أحال بيان هذا المعنى على باب التعادل والتراجيح والحال أنه لم يذكر هناك غير القسم الأول ، وحينئذ فما يقال إنّ الشق الثاني من الترديد من العبارة الواقعة في ذيل الاستصحاب لا معنى له ، وليس ذلك من الحكومة بل من التنزيلات مستشهدا بعدم التعرض له في باب التعادل والتراجيح ، فيه ما لا يخفى.
وثانيهما : أنه ذكر في ضابط الحكومة أنه لو فرض أنّه لم يرد من الشارع حكم بالدليل المحكوم لم يكن مورد للدليل الحاكم وكان لغوا.
وفيه : أنّ ذلك إنما يتم في الحكومة القصدية وأما في الحكومة القهرية كما في حكومة الأدلة الاجتهادية على الأصول العملية وكما في حكومة الاستصحاب السببي على المسببي فليس كذلك جزما ، فإنّه لو لم يرد من الشارع حكم للشك ولم يجعل الأصول بالمرة لكانت الأدلة مثبتة لمؤدّاها كما هي عليه من غير تفاوت ، وكذا الكلام في الاستصحاب الحاكم ، ولعلّه لذلك كلّه قد ضرب على هذه العبارة في بعض النسخ المتأخّرة خط المحو ، هذا.
وقال المصنف هناك أيضا في بيان الفرق بين الحكومة والتخصيص : إنّ كون التخصيص بيانا للعام بحكم العقل الحاكم بعدم جواز إرادة العموم مع العمل بالخاص والحكومة بيان بلفظه للمراد ومفسّر له ، وذكر في بيان الثمرة بين التخصيص والحكومة ما حاصله : أنّ الحاكم يقدّم على المحكوم ولو كان أضعف
__________________
(١) فرائد الأصول ٣ : ٣١٤.