مشروطا بالابتلاء على حدّ كون أصل التكليف مشروطا بالقدرة على التحقيق عندنا ، وبيان ذلك أنّه لا ريب في كون التكليف مشروطا بالقدرة الواقعية على حدّ سائر شرائط التكليف ، إلّا أنّ للقدرة من بين شرائط التكليف خصوصية وهو أنّه لا يجب إحرازها في مقام وجوب الإقدام على موافقة المأمور به ، بل يجب الإقدام مع الشك في القدرة حتى يتبين العجز ، وهذا بخلاف سائر الشرائط ، مثلا لو شك في الاستطاعة التي هي من شرائط وجوب الحج فيحكم بعدم الوجوب ظاهرا ولا يجب التعرض لهذا التكليف بوجه من الوجوه ، وأما لو شك في القدرة العقلية فيحكم بوجوب الإقدام على الفعل فإن قدر عليه فهو وكان مكلّفا واقعا ، وإن تبيّن العجز عنه تبيّن أنه لم يكن مكلّفا ، فالقدرة وإن كانت شرطا واقعيا كسائر شرائط التكليف إلّا أنّ للعقل هنا حكما آخر ظاهريا بوجوب الإقدام على مشكوك المقدورية حتى يتبيّن العجز ، فلو ترك الإقدام عند الشك في القدرة وكان الفعل مقدورا في الواقع ليس معذورا عند العقل ، وتمام البيان في محلّه.
وحينئذ نقول يمكن دعوى أنّ تنجّز التكليف مشروط بالابتلاء على حسب مشروطية أصل التكليف بالقدرة فيقال يحكم بتنجّز التكليف عند الشك في الابتلاء حتى يعلم أنه خارج عن محل الابتلاء ، ولازم ذلك أن يحكم فيما نحن فيه أيضا بتنجّز التكليف ظاهرا لكي يثمر وجوب الاجتناب عن الطرف المعلوم الابتلاء ، فليتأمّل جيدا.
قوله : إلّا أن يقال إنّ المستفاد من صحيحة علي بن جعفر (١).
الانصاف أنّ الصحيحة ظاهرة فيما فهمه الشيخ من العفو عما لا يدركه
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٨.