قوله : والأقوى الجواز فيصير الأصل في المسألة وجوب الاجتناب (١).
فيه نظر أما أولا : فلأنّ المسألة ترجع على ما قرّره إلى الشك في مصداق القيد المعلوم القيدية ، والتمسّك بالعموم أو الإطلاق في الشبهات المصداقية خلاف مختاره وهو واضح.
وأما ثانيا : فلأنّ التقييد بالابتلاء المفروض إنما هو في مرحلة تنجيز الخطاب لا أصله على ما بيّنه في المتن ، وتنجيز الخطاب وان سلّمنا أنه من مراتب الأمر ويسند إلى الآمر على خلاف التحقيق السابق ، لكن لا ريب أنه بحكم العقل وليس مدلولا للفظ الخطاب قطعا ، وحينئذ نقول ليس الإطلاق متكفّلا لبيان حال هذا الحكم العقلي حتى لو شكّ في تقييده يرجع إلى إطلاق الخطاب ، وإنما ينفع الإطلاق بالنسبة إلى الشك في تقييد مدلول مادة الأمر والنهي بكون المأمور به مقيدا مثلا أو تقييد مدلول الهيئة بكون الوجوب مشروطا أو مطلقا على إشكال في الأخير عند المصنف محرّر في مبحث تحقيق معنى الواجب المشروط ، وأما الشك في تقييد ما استفيد من العقل في الحكم بالتنجيز فلا ربط له بمدلول الخطاب لا مادة ولا هيئة فكيف يتمسّك بإطلاقه بالنسبة إليه ، وهذا نظير ما حقّقه المصنف في مسألة أنّ الأصل في الأوامر التعبدية أو التوصلية ردا على من تمسك بإطلاق الأمر على التوصّلية من أنّ القربة مأخوذة في طريق الامتثال الذي هو بحكم العقل ، وليست من قيود المأمور به حتى يتمسك في نفيها بإطلاق الأمر فتدبّر.
نعم يمكن توجيه مدّعى الماتن بوجه آخر مبني على دعوى كون التنجّز
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٣٨.