فإن قلت : إنّ إلغاء احتمال الخلاف يستلزم إلغاء الشك أيضا قهرا ويتمّ به المطلوب.
قلت : إنّ إلغاء الشك بهذا المعنى اللازمي لا يفيد إلّا رفع الأحكام العقلية الثابتة للشك كالتوقف والتخيير والاحتياط والبراءة العقلية ونحوها لا الأحكام التعبدية المجعولة للشك كالاستصحاب والبراءة الشرعية ونحوهما.
فإن قلت : إنّ الحكم بإلغاء الشك الذي يستفاد من قوله (عليهالسلام) :
صدّق العادل مطلق ، فيكون معناه إلغاء أحكام الشك مطلقا العقلية منها والشرعية فما وجه التخصيص؟
قلت : وجه التخصيص أنّ العموم والخصوص فيما يستتبع مدلول الكلام قهرا تابع لأصل المدلول إن عاما فعام وإن خاصا فخاص ، وهذا نظير ما يقال في جواب من استدلّ على كون الأمر للدوام أو الفور بأنّ الأمر بالشيء يدل على النهي عن ضدّه ، ولمّا كان النهي مفيدا للتكرار والفور يكون الأمر بالنسبة إلى الضد الآخر الذي هو المأمور به أيضا كذلك ، فإنّ ذلك يجاب بأنّ النهي الذي يستفاد من الأمر بالالتزام تابع له إن دائما فدائم وإن في وقت ففي وقت ، فلا يمكن أن يراد من قوله : أزل النجاسة ساعة لا تصلّ دائما بل معناه لا تصلّ ساعة واشتغل تلك الساعة بالإزالة.
وكذلك نقول فيما نحن فيه فإنّ قولنا ألغ الشك المستفاد من قوله : صدّق العادل تابع لمفاد صدّق العادل ، فإذا أخبر عادل بموت زيد فمعنى تصديقه تثبيت قوله وإلغاء احتمال خلافه من حيث كونه تثبيتا لقوله ، وإلغاء أحكام الشك أيضا من حيث كونه تثبيتا له لا من حيث كونه موضوعا لحكم تعبّدي حتى يحكم بارتفاع ذلك الحكم أيضا كاستصحاب الحياة مثلا.