الثاني من وجوه تقرير الحكومة : ما حكاه السيد الأستاذ (دام بقاه) عن أستاذه حجة الإسلام الميرزا الشيرازي (طاب ثراه) أنّ دليل حجية الأدلة الاجتهادية ينزّلها منزلة العلم ، فكما أنّه بوجود العلم ينتفي موضوع الأصول تحقيقا كذلك بوجود ما هو منزّل منزلة العلم ينتفي موضوع الأصول تنزيلا ، وهذا هو الحكومة على ما مرّ بيانه.
والفرق بينه وبين التقرير الأول أنّ التنزيل في الوجه الأول بالنسبة إلى مؤدّى الأدلة منزلة الواقع ، وفي هذا الوجه نزّل الطريق المجعول منزلة الطريق الواقعي المنجعل ، ولذا لا يحتاج هذا الوجه إلى توسيط مقدمة إلغاء احتمال الخلاف وإلغاء الشك.
فإن قلت : إنّ هذا الوجه في بيان أصل دليل حجية الأدلة الاجتهادية في نفسه فاسد فضلا عن بيان تصحيح وجه الحكومة به ، لأنّ الغرض من جعل الطريق ليس إلّا الأخذ بمؤدّاه من الأحكام الشرعية ، ولا يمكن إثبات الأحكام التي هي مؤدى الأدلة بتنزيل شيء منزلة العلم ، لأنّ ثبوت المؤدّى ليس من الآثار الشرعية للعلم بل من الآثار العقلية ، وقد تقرّر في محلّه أنّه لا يمكن إثبات ما يترتب على المجعولات الشرعية إلّا الآثار الشرعية القابلة للجعل لا الآثار العقلية والعادية غير القابلة للجعل ولا الآثار الشرعية المترتبة عليها ، نعم لو كان العلم موضوعا لحكم أمكن ترتيب ذلك الحكم عليه لأنّه أثره الشرعي ، لكنه غير المؤدّى الذي نتكلّم عليه.
قلت : يمكن أن يجاب عنه بوجهين :
الأول : أنّ أدلة حجية الأدلة تفيد أمرين : أحدهما تنزيل الطريق منزلة العلم والآخر تنزيل المؤدّى منزلة الواقع ، لكن هذا الوجه بعيد.