يكون مثال التاجر من قبيله فحكمه حكم الشبهة المحصورة ، إذ لا فرق بينه وبين ما يوجد المشتبهان دفعة من حيث تنجّز التكليف بالحرام الموجود بين المشتبهين في زمانه ، وهذا المطلب في كلا الشقّين من الواضحات ، وإن كان قد يناقش في الأمثلة المذكورة في المتن أنها من قبيل الشق الأول أو الثاني ، والمصنف (رحمهالله) لمّا أنكر الواجب المشروط مطلقا في أصوله بدعوى عدم معقوليته ، وجعل مطلق التكاليف قبل حضور وقتها من قبيل المعلّق ، فرّق بين الأمثلة بالابتلاء وعدم الابتلاء ، وقد سبق سابقا منّا عدم الفرق بين محلّ الابتلاء وعدمه إلّا إذا عدّ غير محل الابتلاء من غير المقدور عرفا.
قوله : ويشكل الفرق بين هذا وبين ما إذا نذر أو حلف (١).
لعل الفرق بين مثال الحيض والمثالين الآخرين في نظره حيث رجّح في الأول عدم الابتلاء قبل زمان الحيض والابتلاء قبل تحقّق المعاملة الربوية في مثال التاجر وقبل مجيء زمان المنذور في مثال النذر طول الزمان في الأول وقصره في الأخيرين ، فبهذا يعدّ في الأول حكم الزمان المتأخّر غير محل الابتلاء بحسب موضوعه المتأخّر عرفا ويعدّ في الأخيرين محل الابتلاء عرفا ، فتأمل.
ثم لا فرق في التدريجيات بين الشبهة التحريمية والوجوبية ، فلو نذر صوم يوم معيّن مثلا واشتبه بين يومين فيجب الاحتياط بصومهما بناء على الوجوب التعليقي على ما ذكرنا ، وبناء على أنه يعدّ من محلّ الابتلاء على مذاق المصنف ، وأما بناء على الوجوب الشرطي عندنا أو خروجه عن محل الابتلاء عند المصنف قبل حضور زمان الوجوب فقد يقال بأصالة براءة الذمة عن صوم
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٤٩.