قوله : العلم الإجمالي كالتفصيلي علّة تامة (١).
التحقيق في الجواب أن يقال إنّ العلم الإجمالي لما كان مشوبا بالجهل أمكن أن يجعل الشارع ذلك الجهل عذرا للمكلّف كما في الشبهة البدوية وغير المحصورة ، ويكون حكمه الظاهري هو البراءة ولا يحتاج إلى جعل البدل أيضا كما مر توضيحه في الشبهة المحصورة ، وهذا بخلاف العلم التفصيلي فإنّ حكمه الظاهري أيضا مطابق للمعلوم البتة.
قوله : فلا بدّ إما من الحكم بعدم جريان هذه الأخبار في مثل المقام (٢).
لم يبيّن وجه عدم جريان أخبار البراءة في المقام في هذا الشق من الترديد ، ولعل وجهه إما دعوى انصراف أخبار البراءة إلى خصوص الشبهة البدوية كما قيل ولا يبعد ، وإما لأنّ العلم المأخوذ عدمه في موضوع حكم البراءة في هذه الأخبار أعمّ من العلم الإجمالي كما صرّح به الماتن سابقا في حديث «كل شيء لك حلال حتى تعلم أنه حرام». وفيه ما مرّ سابقا من أنّ كلا من الظهر والجمعة شيء حجب الله علمه إجمالا وتفصيلا ، والمعلوم الإجمالي هو الواجب في البين لا خصوص هذا ولا خصوص ذاك ، لأنّ كلا منهما في حدّ نفسه مجهول صرف ، وإما لما ذكره قبيل ذلك من أنّ أخبار البراءة لو جرت فيما نحن فيه دلّت على جواز المخالفة القطعية وكلامنا بعد فرض عدم جوازها.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٨٢.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٨٣.