قوله : ولا منافاة بين عدم وجوب الشيء ظاهرا لذاته ووجوبه ظاهرا من باب المقدّمة (١).
يرد عليه أنّ الظاهر المتبادر من الأخبار إنما هو الإباحة الظاهرية الفعلية لا الاقتضائية الشأنية فلا تجامع الوجوب الظاهري الفعلي من باب المقدمة (٢).
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٨٤.
(٢) أقول : فيه أنّ شمول الأخبار للشبهة المحصورة مساو لشمولها للشبهة البدوية ، ولا ريب أنّ المشتبه بالشبهة البدوية لو صار مقدمة لواجب يحكم بوجوبه فعلا ويبقى إباحته شأنية وكذا لو صار مقدمة للحرام يحكم بحرمته فعلا ، وهكذا يكون الأمر بالنسبة إلى المشتبه بالشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي ، فيتم ما ذكره المصنف من عدم منافاة شمول رواية الحجب والتوسعة للشبهة المحصورة مع كون أطرافه واجبة مقدمة لتحصيل الواجب المردد في البين ، فيكون الحكم بالإباحة شأنية كما في الشبهة البدوية بعينه ، وقد أوردت هذا على السيد الأستاذ (دام ظله العالي) فأجاب بالفرق بين صيرورة أطراف الشبهة مقدمة لواجب آخر غير الواجب المردد في البين ، وبين صيرورته مقدمة للواجب المشتبه في البين ، فإنّ ما ذكرت صحيح في الأول ، وأما ما نحن فيه من قبيل الثاني ولا يصحّ أن يكون وجوب الأطراف لأجل مقدمية الواجب في البين فعليا ومع ذلك يحكم بإباحتها الشأنية ، وذلك لأنّه إما أن يقال بوجوب الأطراف مقدمة للواجب في البين بمقتضى أدلة الأحكام الواقعية ، أو يقال ذلك بمقتضى خصوص مفهوم رواية الحجب والتوسعة ، فإن قلت بالأول فجوابه أنّ المعلوم بالإجمال بمقتضى دليله الواقعي محكوم بالنسبة إلى أدلة البراءة ، لأنّ العلم الإجمالي إنما يكون منجزا للتكليف لو لم يرخّص الشارع في مخالفته بجعل الجهل التفصيلي عذرا للمكلف ، والمفروض أنه رخّص فيها بإطلاق رواية الحجب والتوسعة ، وإن قلت بالثاني كما هو الظاهر فيجاب بأنّ شمول الرواية بمنطوقها للظهر والجمعة بالحكم بالإباحة والرخصة في الترك وبمفهومها لهما أيضا بالحكم بالوجوب مما لا يصح بأن يكون الحكم الأول اقتضائيا والثاني فعليا ، لأنّ مورد الشبهة المحصورة لا ينفك عن هذه المقدمية الموجبة للوجوب بالفرض ، فيبقى الحكم بالإباحة في هذا المورد لغوا محضا ، فإما أن يخرج المورد عن المنطوق كما فرض في الشق الأول من الجواب المذكور في المتن ، وإما