قوله : فلا دخل له في المقام إذ لا إجمال في الخطاب أصلا (١).
هذا البيان منه (رحمهالله) ينافي ما ذكره سابقا في تقرير حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان في الشبهات البدوية في أصل التكليف حتى في الشبهات الموضوعية ، ويوافق ما أوردنا عليه هناك من أنّ حكم العقل بالقبح لو سلّم فإنما يسلّم فيما لم يصدر البيان من الشارع واقعا لا فيما بيّنه واختفى علينا لدواعي الاختفاء كما هو بالنسبة إلينا كذلك في سائر الشبهات ، وكذا :
قوله : مع أنّ التكليف بالمجمل وتأخير البيان عن وقت العمل لا دليل على قبحه إذا تمكّن المكلف من الإطاعة ولو بالاحتياط (٢).
يناسب ما أوردناه عليه هناك من أنّ قبح العقاب بلا بيان إنما يسلّم فيما لم يمكن الاحتياط ، وأما لو أمكن الاحتياط وكان المكلّف ملتفتا إلى ذلك وإلى إمكان أن يكون في عدم البيان مصلحة لا يعلمها المكلف فلا نسلّم القبح ، نعم لو علم بأنه لا مصلحة في عدم البيان ولم يكن مانع عن البيان ومع ذلك لم يبيّن فحينئذ يحكم بالقبح ، وبالجملة ما يستفاد من كلامه هاهنا هو الموافق للتحقيق في المقامين لا ما ذكره في السابق.
__________________
أن يخرج عن المفهوم ، ولا يقاس ذلك بما إذا وجبت الأطراف أو بعضها مقدمة لواجب آخر خارج عن المعلوم في البين فإنّه قد يتّفق ذلك لا دائما ولا ينافيه الحكم بالإباحة قضية كلية ويكون الإباحة فعلية في أغلب الموارد شأنية في بعضها.
أقول : يمكن هذا التقرير فيما نحن فيه أيضا ، لأنّ أخبار البراءة لا تختصّ بالشبهة المحصورة حتى يقال باللغوية ، بل تشمل الشبهة البدوية أيضا ، فباعتبار ذلك يصحّ سوق القضية كلية يكون الإباحة في أغلب مواردها وهي الشبهة البدوية فعلية وفي بعضها وهو الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي شأنية ، فليتأمّل.
(١) فرائد الأصول ٢ : ٢٨٦.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٢٨٧.