فرض إهمال دليل اعتبار الوجه كظهور الإجماع وبناء العقلاء وغيرهما مما ادّعي دلالتها على ذلك كان القدر المتيقّن منها صورة التمكّن منه أعني عند عدم مزاحمته لشرط آخر ثابت الشرطية على الإطلاق ، وحينئذ نقول لو فرض عدم التمكّن من إحراز أحد الشرطين كان مقتضى الأصل الأولي سقوط المشروط أي الصلاة رأسا لكنه قد ثبت وجوب الصلاة مع ما يتمكن إحرازه من الشرائط ، لما ورد من أنّ الصلاة لا تسقط بحال (١) فيدور الأمر بين إحراز شرط الستر أو الوجه ، واختار الحلّي (٢) تقديم مراعاة الوجه والصلاة عاريا ، والحق ما ذكره المصنف من تقديم مراعاة شرط الستر ، لا لما قيل من أنّ الوجه معتبر في طريق الامتثال ومرتبته متأخرة عن نفس المأمور به وشرائطه ، لأنّا نمنع اعتبار أمر في طريق الامتثال لم يكن معتبرا في المأمور به أولا كما حقق في محلّه ، ثم نمنع وجوب تقديم رعاية ما يعتبر في المأمور به على ما يعتبر في طريق الامتثال لو لم نقل بالعكس ، إذ النية وكيفياتها روح العبادة وبها تتحقّق حقيقتها ثانيا ، بل لأنّ نيّة الوجه في نفسها غير مقدورة فيما نحن فيه بخلاف إحراز شرط الستر وطهارته فإنه في نفسه مقدور بتكرار الصلاة وإن لزم منه فوات الوجه ، فالمتعيّن سقوط الوجه الذي هو معجوز عنه في نفسه.
والحاصل أنه لا دوران هنا بين مراعاة أحد الشرطين وترك الآخر في عرض واحد ، ولنفرض مثالا للدوران لتوضيح المطلب : وهو أنا لو فرضنا تردد الفائتة بين الظهر والمغرب وأمكن تعيينها بوجه كالرجوع إلى الدفتر مثلا وكان في الفرض ثوبه متيقّن النجاسة وأمكنه تطهيره لكن لا يمكنه كلا الأمرين لضيق وقت ونحوه ، فيدور الأمر بين تعيين الفائتة ليتمكن من قصد الوجه ويقصده مع
__________________
(١) روى مضمونه في الوسائل ٢ : ٣٧٣ / أبواب الاستحاضة ب ١ ح ٥.
(٢) السرائر ١ : ١٨٤ ـ ١٨٥.