تنبيهان :
الأول : أنه ربما يقال إنّ مثال الظهر والجمعة ليس مثالا لما نحن فيه من تردد الواجب بين المتباينين المقتضي للاحتياط ، بل العلم الإجمالي فيه ينحل إلى العلم التفصيلي والشك البدوي لأجل تحقق خصوصية فيه ليست في نظائره ، وهي أنه قد ثبت أنه على تقدير وجوب الجمعة في الواقع ينقضي وقتها بمقدار أدائها أو بعد أن يصير الظل بمثل الشاخص ثم بعد ذلك يصلي بدلها ظهرا سواء تركها عمدا عصيانا أو لعدم وجدان شرائطها أو نسيانا أو جهلا ، فيقال حينئذ إنه يعلم باستحقاق العقاب على ترك فعل الظهر بعد انقضاء وقت الجمعة جزما ويشك في أن ترك الجمعة أيضا موجب لاستحقاق عقاب آخر أم لا فينفى بالأصل.
لكن لا يخفى أنّ العلم بالعقاب على ترك الظهر ليس مطلقا بل على تقدير ترك الجمعة أيضا التي هي أحد طرفي العلم الإجمالي ، فيعلم به ترك الواجب جزما.
والأوضح أن يقال إنّ مناط المسألة هو العلم بالتكليف لا العلم باستحقاق العقاب ، والتكليف المعلوم مردد بين الظهر والجمعة من الأول وهما متباينان فيجب الاحتياط ، غاية الأمر أنه لو لم يفعل وظيفة الجمعة وفات وقتها يعلم بوجوب الظهر معيّنا إما لأنه كان واجبا بالأصل أو لأنّه بدل عنه في هذا الحال ، وهذا لا ينافي كون الواجب من الأول مرددا بينهما.
الثاني : أنه لو علم بوجوب أحد الشيئين ... إلّا أنه يعلم أنّ أحدهما المعيّن على تقدير وجوبه واقعا واجب مشروط ولم يحصل شرطه بالفرض والآخر