يحصل العلم بالامتثال به إلّا بإتيان الأكثر ، لأنّه مردد بين كونه واجبا نفسيا أو غيريا بالفرض ، ولا يحصل العلم بامتثاله إلّا بما يحصل به الامتثال على كلا التقديرين ، ومن المعلوم أنّ امتثال الواجب الغيري لا يحصل إلّا بالإتيان بذلك الغير وإلّا كان لغوا ، فمن أجل إحراز الامتثال على هذا التقدير يجب الإتيان بالأكثر ، وقد تقدّم هذان الوجهان في السابق أيضا فتذكّر.
بقي شيء وهو أنّ المتمسك بالوجه الرابع تمسّك أوّلا بوجوب دفع الضرر المحتمل ، ولم يتعرّض المصنف لجوابه ، ومع ذلك جعل المستدل وجوب المقدمة العلمية عبارة أخرى عن وجوب دفع الضرر المحتمل والحال أنهما متغايران. والجواب أنّ الضرر وهو العقاب مقطوع على ترك الواقع المردد بين الأقل والأكثر ، فالمراد أنّ العقاب المقطوع به يحتمل أن يكون مترتبا على ترك الأكثر كما يحتمل أن يكون مترتبا على ترك الأقل ، فالضرر وإن كان محتملا إلّا أنه طرف العلم لا أنه محتمل ابتداء ، ولعله لذا عبّر بقوله وجوب دفع الضرر وهو العقاب المحتمل قطعا يعني العقاب القطعي المحتمل كونه مترتبا على ترك الأكثر ، فتدبّر.
قوله : وأما الخامس فلأنّه يكفي في قصد القربة ، إلخ (١).
هذا الكلام من المصنف موافق للتحقيق الذي قد مرّ منّا غير مرّة إلّا أنه مخالف لمذاقه من أنّ الأمر الغيري لا يصير منشأ لعبادية العبادة ، وقصده لا يؤثر في كون العمل عبادة على ما صرّح به في المتباينين ، بل في غير موضع من المتن وفي كتاب الطهارة في بحث الوضوء وفي مبحث مقدمة الواجب من أصوله وفي غير ذلك ، فتبصّر.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٢٧.