أتى بالقدر المتيقّن من التكليف وبقي القدر المشكوك ، إذ لو كان الواجب في الواقع عتق المؤمنة لم يأت بشيء لا أنه أتى ببعضه وبقي البعض الآخر ، وسرّ ذلك أنّ وجود الكلي في ضمن المقيّد مباين لوجوده في ضمن ضدّه ، فإنّ حصّة الكلي التي وجدت في ضمن المؤمنة مباينة للحصة التي وجدت في ضمن الكافرة ، فلا يقال إنّ الرقبة الكافرة باعتبار اشتمالها على مطلق الرقبة بعض الرقبة المؤمنة.
والحاصل أنّ المطلق يصحّ أن يقال إنه متيقّن الوجوب بحسب ظرف الذهن والشك في وجوب القيد أيضا كذلك ، وأما بحسب الخارج فليس شيء يشار إليه بأنه واجب على كل تقدير وإنما الشك في شيء آخر زائد عليه ، فيكون الأقل والأكثر والحال هذه من قبيل المتباينين يجب فيه الاحتياط بإتيان المقيد ، هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه الفرق بين القسمين.
وقد أجاب المصنف عن ذلك في المتن بوجهين ، أحدهما : ما ذكره أخيرا من أنّ ما اعتبر تقيّد الصلاة به في القسم الأول إنما هو الطهارة في حال الصلاة فهي بعينها كالإيمان بالنسبة إلى الرقبة في اتحاد وجوده مع المشروط. وثانيهما : ما أشار بقوله ولكن الانصاف عدم خلوّ المذكور عن النظر إلى آخره ، توضيحه : أنه إن قلنا بتعلّق التكاليف بالطبائع فيقال إنّ المعلوم أنّ طبيعة الرقبة قد تعلق بها التكليف على كل تقدير وإنما الشك في تعلّقه بالقيد أيضا فينفى بالأصل ، كما يقال في القسم الأول إنّ ما عدا التسليم من أجزاء الصلاة قد تعلق بها التكليف قطعا وإنما الشك في تعلّقه بالتسليم فينفى بالأصل.
فإن قلت : إنه لا يحصل العلم بإتيان المأمور به من عتق الرقبة الكافرة جزما ، إذ لعل المأمور به هو المطلق المتحقق في ضمن المقيد أي المؤمنة.