غافل عن غفلته فلا يمكن خطابه بأن يقال أيها الناسي للسورة صلّ بلا سورة ، إذ لو فهم هذا المعنى لانقلب ذاكرا وخرج عن موضوع حكم الناسي ، ففيه أنه لا ينحصر خطابه بخطاب أيها الناسي بهذا العنوان بل بخطاب أيها المكلف افعل كذا ، ولو سلّم فلا نسلّم لزوم فهم المكلّف عنوان نوع المأمور الذي هو داخل فيه ، غاية الأمر أنه يزعم نفسه ذاكرا للأجزاء ويزعم أنّ ما يأتي به من الصلاة بدون السورة تكليف الذاكر لتمام الأجزاء ، وهو غير مضرّ لأنه يأتي بما هو مكلف به واقعا مع هذا الاعتقاد الخطأ.
فإن قلت : على هذا لم يتحقق القصد إلى المركب المأمور به في حقه وإنما قصد المركب التام الذي هو مأمور به لغيره ، فمن هذا الوجه يحكم بفساده.
قلت : مع أنّ هذا غير ما استند إليه الماتن (قدسسره) ، فيه : أنا نمنع لزوم قصد خصوصيات أفراد المكلف به ، بل لو قصد فردا منه وكان المأتي به فردا آخر من المكلّف به فقد حصل الامتثال ، وهذا نظير ما لو صلى المسافر صلاة الظهر ركعتين زاعما أنه حاضر وتكليف الحاضر ركعتين فيحكم بصحة صلاته ، ونظير ما لو صلى متسترا ويزعم كونه عاريا وجواز الصلاة عاريا فإنّ صلاته صحيحة ولا يضر قصده أنه يصلي صلاة الحاضر أو أنه يصلي عاريا ، وإن أريد أنه حين الغفلة ونسيان الجزء لا يتمكن عن إجراء الأصل والحكم بالبراءة عن الجزء لأجل النسيان ، ففيه أنه يكفي إجراؤه الأصل بعد ذلك عند التذكر ، وهذا نظير ما لو صلى بلا سورة غفلة عن كون السورة جزءا أم لا ثم التفت بعد الصلاة وشك في كون السورة جزءا أم لا فإنّه يجري الأصل حينئذ ويحكم بعدم جزئية السورة وصحّة الصلاة الماضية.