قوله : نعم إخراج كثير من الموارد لازم ولا بأس به ، إلخ (١).
نمنع لزوم ذلك أيضا ، لأنّ المراد من الشيء أعم من المركّب الارتباطي فيشمل مثل أكرم العلماء إذا تعذّر إكرام بعضهم إلى غير ذلك من المركبات غير الارتباطية ، فبهذه الملاحظة نمنع كون الخارج من العموم أكثر ، مضافا إلى أنّ المندوبات التي يشملها النبوي ويستحبّ فعل أبعاضها لو تعذّر جميعها أيضا كثيرة ، نعم يرد على الاستدلال بالنبوي (٢) ما أشار إليه في الفصول من أنّ صدر الخبر يكشف عن أنّ المراد منه استحباب تكرار العمل ما استطعتم فلا ربط له بما نحن فيه ، قال في الفصول وذلك بشهادة ما قبله عليه على ما روي من أنّه خطب رسول الله (صلىاللهعليهوآله) فقال : «إنّ الله كتب عليكم الحج فقام عكاشة ، ويروى سراقة بن مالك فقال أفي كل عام يا رسول الله؟ فأعرض عنه حتى عاد مرتين أو ثلاثا ، فقال : ويحك وما يؤمنك أن أقول نعم ، والله لو قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما استطعتم ولو تركتم لكفرتم ، فاتركوني ما تركتكم وإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم إلى أنبيائهم ، إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه» (٣) انتهى.
ولكن يمكن دفع ذلك بإرادة الجامع بين المعنيين بناء على كون «من» ابتدائية ، فالمعنى فاتوا مما أمرتكم به كلا أو بعضا مرة أو مرارا ما استطعتم ، نعم حمل الأمر في الحديث على الوجوب على ما هو مبنى الاستدلال ينافيه مورد الحديث جزما لعدم وجوب تكرار الحج بقدر الاستطاعة ، فلا بدّ من حمله على الندب أو مطلق الرجحان فيسقط الاستدلال ، اللهمّ إلّا بضميمة الإجماع على أنّه
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٣٩١.
(٢) عوالي اللآلي : ٥٨ الحديث ٢٠٦.
(٣) الفصول الغروية : ٧٤.