عكس ذلك بأن يقول القائل بالإخفات أنه شرط والقائل بالجهر يقول إنّ الإخفات مانع يجب تركه باختيار الجهر ودار الأمر عندنا بين القولين ، وأما إذا قلنا بأنّ أحدهما يقول بشرطية الجهر والآخر بشرطية الإخفات كما هو ظاهر القولين فيدور الأمر بين الشرطيين لا شرطية الشيء ومانعيته ، اللهمّ إلّا أن يقال إنّ المانع لا معنى له عند المصنف إلّا ما يكون عدمه شرطا فالدوران بين شرطية الشيء ومانعيته يرجع إلى الدوران بين شرطية الشيء وشرطية عدمه.
وأما المثال الثالث ، فلأنّ تدارك الحمد بعد الدخول في السورة باعتبار احتمال عدم جريان قاعدة التجاوز واحتمال أنّ قراءة الحمد جزء وقراءة السورة جزء آخر ، لا أنّ مطلق القراءة جزء واحد حتى يصدق عدم التجاوز بناء على اختصاص قاعدة التجاوز بالتجاوز عن الأفعال المستقلة المسماة بأسماء خاصة لا مطلق التجاوز عن الأجزاء الحقيقية ، وعدم التدارك بسبب احتمال جريان القاعدة ، وليس التدارك حينئذ والحال هذه داخلا في الزيادة المبطلة ولو قلنا بأنّ المضي عند التجاوز عزيمة لا رخصة لأنّه لا مانع من التدارك بقصد القربة المطلقة ، فإن كان تكليفه واقعا التدارك فهو وإلّا يكون قد قرأ بين الصلاة قرآنا وهو غير ممنوع منه ، اللهمّ إلّا على القول بحرمة القران ومفسديته للصلاة وأنّ القران يشمل مثل هذا الفرض من تكرار بعض سورة واحدة ، وفيه ما لا يخفى ، ولو أبدل (رحمهالله) هذا المثال بالمثال الذي نذكره كان أولى ، وهو أنه لو شك حال النهوض بعد التشهد الأول في السجدة في الركعة التي نهض عنها ، فيدور الأمر بين الرجوع وتدارك السجدة مع احتمال أنه زيادة مبطلة والمضي وعدم التدارك مع احتمال وجوبه وأنه جزء نقيصته مبطلة ، ووجه الدوران هو الشك في أنّ النص الوارد في أنه لو شك في السجدة حال النهوض كان عليه أن يسجد هل يشمل بإطلاقه حال النهوض بعد التشهد أيضا فيجب تدارك السجدة