عن شمولها لما قبل الفحص ، أما الدليل العقلي فواضح وسيأتي في المتن ، وأما الأدلة النقلية فلانصرافها عن الشبهة فيما قبل الفحص ، وإلى أنّ البراءة حكم من عجز عن التوصل إلى أدلة الأحكام يعلم ذلك بمراجعة ألفاظ أدلة البراءة ومساقها من جهة الامتنان وغيره.
قوله : مثل قوله (عليهالسلام) في من غسل مجدورا أصابته جنابة فكزّ فمات : قتلوه قتلهم الله ، إلخ (١).
في المجمع «الكز» داء يتولد من شدة البرد ، وقيل هو نفس البرد ومنه حديث من أمر بالغسل فكز فمات (٢) انتهى ، تقريب الاستدلال أنه يفهم من قوله (عليهالسلام) «قتلوه قتلهم الله» (٣) الذم بل العقاب على مخالفة الواقع المجهول وهو وجوب التيمم بدلا عن الغسل وترك الغسل معللا بترك السؤال عن حكم الواقعة ، فيدل على أنّ الواقع إذا أمكن الوصول إليه بالسؤال والفحص غير موضوع عن المكلّف فيخصّص به عموم قوله (عليهالسلام) «ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم» (٤) وغيره من أدلة البراءة.
أقول : ويمكن المناقشة فيه بأنّ الذم ليس على مجرد مخالفة حكم التيمم الواجب بل على القتل المسبب عن تبديل حكم الله بالغسل في محلّ التيمم ، ويمكن أن يجاب بأنّ الذم على الغسل الموجب للقتل كاف في المطلوب فإنه حرام مجهول غير معذور فاعله لأنّه ترك الفحص ولم يسأل عن حكمه.
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤١٢ ـ ٤١٣.
(٢) مجمع البحرين ٤ : ٣٢.
(٣) الوسائل ٣ : ٣٤٧ / أبواب التيمم ب ٥ ح ٦.
(٤) الوسائل ٢٧ : ١٦٣ / أبواب صفات القاضي ب ١٢ ح ٣٣.