الموافق للتحقيق ، وعليه فلا تعارض أخبار البراءة البتة حتى يجمع بالوجه المذكور الذي لا شاهد عليه ، والتحقيق في الجواب أنّ أخبار البراءة منصرفة عما قبل الفحص كما مرّ.
قوله : فدعوى اختصاص أطراف العلم الإجمالي بالوقائع المتمكّن من الوصول إلى مداركها مجازفة (١).
ويؤيد ذلك أنّا لا نرى فرقا بالوجدان بين الظنون الحاصلة من المدارك الثابتة الحجية وبين الظن بالواقع الحاصل لا عن مدرك ثابت الحجية في كون كل منهما طرفا للعلم الإجمالي ، مع أنّ الظن الذي لم يثبت حجيته بحكم الشك ، فيكشف ذلك عن كون جميع المحتملات طرفا للعلم الإجمالي سواء كان موردا للأمارات الثابتة الحجية أم لا.
قوله : ثم إنّ في حكم أصل البراءة كل أصل عملي خالف الاحتياط (٢).
لجريان الأدلة المذكورة بأجمعها فيها ، مضافا إلى ما ذكرنا من الانصراف فإنّ أدلة جميع الأصول العملية منصرفة عما قبل الفحص كما يظهر بالتأمّل فيها ، وأما الأصول التي لا تخالف الاحتياط كاستصحاب الوجوب أو الحرمة مثلا وكذا الأصول الجارية في غير موارد الإلزام كاستصحاب استحباب شيء أو كراهته أو عدمهما أو البراءة عن الاستحباب والكراهة ونحوها فيجري فيها بعض الأدلة المذكورة وهو الانصراف الذي ذكرنا ، وكذا الإجماع وأدلة وجوب تحصيل العلم ، فلا يجوز الحكم على طبق الأصل إلّا بعد الفحص ، نعم يجوز
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤١٥.
(٢) فرائد الأصول ٢ : ٤١٦.