بها مقدمة له يجب بوجوبه غيرا لا نفسا.
وفيه أوّلا : أنه يمكن أن يكون في تحصيل العلم مصلحة أخرى مقتضية للإيجاب النفسي غير مصلحة التوصل المذكورة ، فمن أين يعلم انحصار المصلحة في التوصل إلى العمل.
وثانيا : أنه على تقدير انحصار المصلحة في التوصل يمكن أن يكون تلك المصلحة حكمة مقتضية للإيجاب النفسي مطلقا بحيث يكون تحصيل العلم واجبا مطلقا ولو لم يتوصل به إلى العمل ، ويكون وجه التعميم الكذائي حماية الحمى وهو نظير استحباب غسل الجمعة مطلقا لحكمة رفع رياح الآباط غير المطردة ، وتشريع العدة لحكمة دفع اختلاط الأنساب غير المطردة ، وإيجاب الصلاة مثلا لحكمة كونها موجبة للقرب والزلفى وأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر مع أنه لم يقل أحد بأنّ الواجب نفسا هو القرب والنهي عن الفحشاء ووجوب الصلاة غيري مقدمي وسيشير المصنف إلى هذا الوجه في المتن عن قريب.
وحينئذ نقول لمّا كانت نفسية وجوب تحصيل العلم أمرا معقولا فإذا وجد دليل يكون ظاهره الوجوب النفسي يحمل عليه لا يصرف إلى الغيري ، إلّا أنّ المصنف ادعى أنّ المستفاد من أدلته الوجوب المقدمي ، وهو كذلك في جملة من أخبار الباب ، إلّا أنّ الإنصاف أنّ بعضها ظاهر في الوجوب النفسي مثل قوله (صلىاللهعليهوآله) «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة» (١) ومثل ما رواه في مقدمة كتاب معالم الدين بإسناده عن الأصبغ بن نباتة قال «قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليهالسلام) تعلموا العلم فإنّ تعلّمه حسنة
__________________
(١) بحار الأنوار ١ : ١٧٧.