قوله : وحينئذ فإن أراد المشهور توجّه النهي إلى الغافل حين زمان غفلته (١).
وتفصيل الكلام في توضيح المقام إنّما يتم ببيان أمور :
الأول : الحق كما هو المشهور أنّ العقاب إنما يترتب على مخالفة نفس ما أمر به الشارع أو نهى عنه مطلقا ، وقد عرفت أنّ صاحب المدارك تبعا لشيخه الأردبيلي قال بأنّ العقاب يترتب على ترك التعلّم في حق الجاهل لأنه المقدور في حقه وقبح تكليف الغافل.
وقد يقال إنّ العقاب يترتب على ترك المقدمة مطلقا التي يخرج ذو المقدمة بتركها عن قدرة المكلف ويصير ممتنعا بالغير سواء كان المقدمة المفروضة تحصيل العلم أو غيره من مقدمات الوجود كما احتمله صاحب الذخيرة في كلام المدارك ، ويسند إلى السيد المرتضى (رحمهالله) في بعض الصور ، دليل المشهور أنّ استحقاق العقاب إنما يترتب على عنوان المعصية عقلا وليس هو إلّا مخالفة نفس المأمور به بالترك أو مخالفة نفس المنهي عنه بالفعل إذا كان ذلك مستندا إلى اختيار المكلّف بحيث يصحّ أن يقال إنه ترك المأمور به أو فعل المنهي عنه اختيارا ولو كان ذلك باعتبار تحقق اختيار سابق عن زمان الترك أو الفعل ، ويشترط أن يكون في مخالفته غير معذور أيضا من جهة جهله مع عدم التقصير أو غير ذلك من خوف أو تقية أو نحو ذلك ، ويشهد على هذا المعنى جملة من الآيات والأخبار كما لا يخفى على المتتبّع الخبير قال الله تعالى في سورة المدّثر حكاية عن حال العصاة (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* ما سَلَكَكُمْ فِي
__________________
(١) فرائد الأصول ٢ : ٤١٩.