سَقَرَ* قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ* وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ* وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ* وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ)(١).
وأما ما يقال من أنّ العقاب لا يصح إلّا على المقدور ، وبعد ترك المقدمة يكون ذوها غير مقدور ، ففيه : أنّ المقدور بالواسطة مقدور ، وأما قبح تكليف الغافل ففيه ـ مضافا إلى ما مرّ من أنّه أخصّ من المدّعى لجواز فرض كون الجاهل ملتفتا حين المخالفة شاكا مترددا ـ أنّ القبح لو سلّم فإنما يسلّم بالنسبة إلى الخطاب الفعلي حين غفلته ، وأما خطابه قبل ذلك في زمان التفاته وقدرته على تحصيل العلم وإبقاء الذكر وعدم ترك سائر المقدمات فليس بقبيح جزما ، ويكفي ذلك في صحة تكليف الغافل وإن لم يمكن الخطاب حال الغفلة وقلنا بسقوط الخطاب بترك التعلّم والغفلة فإنّ أثره باق إلى زمان تحقق المخالفة بترك المأمور به أو فعل المنهي عنه في زمانه ، وبالجملة هذا المطلب أعني ترتّب العقاب على مخالفة ذي المقدمة دون المقدمة قد صار في هذه الأزمنة من الواضحات لأجل ما حققه المحقّقون وبيّنوه في فصل مقدمة الواجب ببيانات شافية وافية.
الثاني : أنّ محتملات قول المشهور من كون استحقاق العقاب على مخالفة نفس التكليف خمسة : ثلاثة منها مذكورة في المتن ، رابعها : الفرق بين ترك التعلّم وسائر المقدمات ، ففي الأول يتحقق استحقاق العقاب على المخالفة وقت المخالفة مع بقاء الخطاب وتوجّه النهي إليه حينئذ ، وفي الثاني يتحقق ذلك وقت المخالفة مع عدم بقاء التكليف بحسب الخطاب بل باعتبار صحة العقاب فقط ، خامسها : الاحتمال المذكور بعينه غير أنه في الشق الثاني يقال بتحقّق
__________________
(١) المدثر ٧٤ : ٣٨ ـ ٤٧.