والتحقيق عدم حسن المؤاخذة في الصورتين لأنّه أشبه شيء بالقصاص قبل الجناية ، نعم يحسن ذمّه من حيث إنّه أراد قتل زيد وأتى بما هو سبب للقتل في اعتقاده سواء حصل القتل بعد ذلك أو لم يحصل ، والظاهر أن هذا يرجع إلى مذمّة الفاعل وخبثه وسوء نيّته لا إلى قبح فعله الذي قد يكون سببا لحصول المعصية حتى يحسن مؤاخذته عليه ، ولا إلى حصول معصية التكليف الآن قبل مجيء زمان التكليف لكي يحسن مؤاخذته لذلك ، نعم قد يفهم في بعض المقامات من النهي عن قتل زيد مثلا النهي عن رميه بقصد القتل فيكون الرمي منهيا عنه لنفسه ويعصي حينئذ بنفس الرمي ، ويكون حكمة النهي والغرض منه عدم قتل زيد ، وفي هذه الصورة يحصل استحقاق العقاب حين الرمي لا محالة تحقيقا لا مسامحة ، لكنه لا فرق فيه أيضا بين أن يتحقق به قتل زيد أو لم يتحقق فإنه يحسن مؤاخذته على كل تقدير وهو غير ما نحن فيه من فرض كون الرمي مقدمة للقتل المنهي عنه.
الرابع : الحق سقوط الخطاب بمجرد ترك المقدمة المفضي إلى ترك ذي المقدمة ، فإنه بترك المقدمة خرج عن تحت القدرة ، ولا معنى للتكليف بغير المقدور والخطاب به ، فكما أنه قد يسقط الخطاب بالإطاعة وقد يسقط بالعصيان كذلك يسقط بترك المقدمة الذي يستحيل معه الإطاعة بعد ذلك ، وإنما يحصل العصيان بعد ذلك في الزمان المطلوب فيه إيجاد المأمور به بملاحظة تحقق الخطاب قبل ترك المقدمة وإفادته الإيجاب بالوجوب التعليقي لا بملاحظة مخالفة الخطاب المتحقق حين تحقق العصيان.
وبالجملة فعلية التكليف والخطاب به مشروطة بالقدرة ، لكن هذا كله بالنسبة إلى غير العلم من مقدمات الوجود وأما بالنسبة إلى العلم فلا يسقط الخطاب عن الجاهل التارك للتعلّم مقصّرا كان أو قاصرا ، فإنه حين مخالفة