إلى أنها غير مأمور بها لقضية العلم بأنّها منهية فلا يمكن الأمر بها.
لكن التحقيق الذي نختاره أنّ القول بعدم جواز الاجتماع لا يقتضي فساد الصلاة المذكورة في حال العلم بموضوع الغصب وحكمه فضلا عن حال الجهل أو النسيان ، وبيان ذلك أنّ محل النزاع في مسألة اجتماع الأمر والنهي فيما إذا كان الصلاة المفروضة جامعة لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة وفاقدة لجميع الموانع المعتبرة ما خلا كونها غير مأمور بها من جهة مانع منع الأمر بها من قبل الآمر لا المأمور ولا المأمور به ، وإلّا فنفس المأمور به لا نقص فيه بوجه ، وحينئذ نقول لا مانع من الحكم بصحته بمعنى الحكم بأنه واجد لمصلحة المأمور به ويسقط به الغرض ، وكذا يسقط الأمر المتعلّق بالطبيعة باعتبار سائر الأفراد لأنه قد استدرك أصل المصلحة بهذا الفعل المحرّم ولم يبق شيء من المصلحة يقتضي الأمر به ثانيا ، ونظير ذلك في العرفيات مما يوضح به المطلب ما لو قال الآمر اشرب دواء مسهلا للصفراء وقال لا تشرب ما يضرّ بوجع الصدر من الأشياء الحامضة فشرب المأمور السكنجبين بسوء اختياره مع القدرة على غيره مما يسهل الصفراء ، فلا ريب أنه عاص بارتكاب المنهي عنه ، وما ارتكبه لاسهال الصفراء لم يكن مأمورا به أيضا على مذهب المانعين ، لكنه مع ذلك كله فقد أتى بما يسهل الصفراء بحيث لا يصحّ للآمر أن يعاتبه على ترك المأمور به ويقول له لم لم تشرب مسهل الصفراء ويأمره بشرب مسهل الصفراء ثانيا ، وسرّ ذلك أنّ السكنجبين تام في كونه مسهلا للصفراء ، ولا وجه لعدم تعلّق الأمر به سوى كونه منهيا عنه من جهة أخرى ، فامتنع لذلك أن يأمر به الآمر ، ولما عصى وأتى به حصل به ذات المطلوب وإن لم يكن بوصف المطلوبية لكنه أفاد فائدة المأمور به وبذلك سقط الأمر ، ولا نعني بالصحة إلّا ذلك ، ودعوى عدم تمشّي القربة وقصدها فيما أتى به بهذا الوجه فيفسد لذلك قد مرّ الجواب عنها غير مرّة